أحد القسمين السابقين فتدبر إذا عرفت ذلك فلا بد لتحقيق المقام من ذكر أدلة القول بالجواز والامتناع وتعقيب ذلك بما هو المختار فنقول قد استدل القائل بالجواز بأمور الأول ما عن المحقق القمي (قده) وحاصله ان الفرد مقدمة لوجود الطبيعي وعليه فإن لم نقل بوجوب المقدمة كما هو الحق كان معروض الحرمة وهو المقدمة مغايرا لمعروض الوجوب وهو الواجب المتوقف عليها فلا يلزم اجتماع الوجوب والحرمة في شئ واحد واما إذا بنينا على وجوب المقدمة فاجتماع الوجوب والحرمة في المقدمة وإن كان متحققا إلا أنه لا بأس به لان أحدهما نفسي والاخر غيري (ويرد عليه) انه ان أريد من كون الفرد مقدمة لوجود الطبيعي انه مقدمة له مطلقا سواء كان الطبيعي متعلقا للامر أم كان متعلقا للنهي ففيه مضافا إلى أن المحقق المزبور (قده) لا يلتزم بذلك و لذلك حكم بحرمة الفرد الخارجي نفسيا في محل الكلام انه لا يعقل كون الفرد مقدمة لوجود الطبيعي مطلقا إذ الفرد متحد مع الكلى المنطبق عليه في الخارج فكيف يعقل كونه مقدمة لوجوده وان أريد به كون الفرد مقدمة لتحقق المأمور به دون المنهى عنه بدعوى ان التكليف في طرف النهى بما انه انحلالي يكون كل واحد من افراد الطبيعة المنهى عنها مبغوضا ومنهيا عنه لا محالة وهذا بخلاف الامر فان متعلقه كما عرفت انما هو صرف الوجود فلا يكون الفرد بنفسه متعلقا له وانما هو مقدمة ومحصل لوجود المأمور به في الخارج فيرد عليه ان اعتبار الطبيعة على نحو صرف الوجود كما في طرف الامر انما يمتاز عن اعتبارها عن نحو مطلق الوجود كما في طرف النهى بان الاعتبار الثاني يستلزم انحلال الحكم بتعدد افراد الطبيعة في الخارج فيمكن ان يفرض لها فردان عرضيان أو طوليان ويكون كل منهما محكوما بحكم مستقل مغاير لحكم الاخر وهذا بخلاف الاعتبار الأول فان لازمه عدم كون الحكم انحلاليا وان لا يمكن وجود فردين له في الخارج عرضيين أو طوليين واما كون الفرد مقدمة لوجود الطبيعي فهو مستحيل في كلا الموردين بداهة ان أول وجود الطبيعة هو نفس صرف الوجود لا انه غيره ليكون مقدمة له هذا كله إذا أريد من كون الفرد مقدمة للطبيعي ما هو معناها الحقيقي واما إذا أريد به ان الكلى غير موجود في الخارج وانما هو عنوان انتزاعي لافراده فيرد عليه مضافا إلى أن الصحيح هو كون الكلى موجودا
(٣٤٩)