أنها مستقلة في السببية - أي كان قبلها أو مقارنها شي [أو لم يكن -] أو لا تكون تلك الماهية مؤثرة؟ وهذا هو المراد بالاستقلال و الحدوث عند الحدوث هاهنا.
فإن قلنا بالأول فلما ذكروه وجه، خصوصا على مذهب الشيخ من أن الاطلاق معلق على عدم البيان مطلقا (1). لكن لا أظن ارتضاءهم به، بل صريح بعضهم (2) كون دلالة الشرطية على العلية المستقلة بالاطلاق، ولو ادعى مدع كونها بالوضع فهو بلا بينة.
فحينئذ نقول: كما أن مقتضى إطلاق الشرطية في كل من القضيتين هو كون الشرط مستقلا علة للجزاء، كذلك إطلاق الجزاء يقتضي أن تكون الماهية المأخوذة فيه - كالوضوء في المثال - تمام الموضوع، لتعلق الايجاب بها، فيكون الموضوع في القضيتين نفس طبيعة الوضوء، فحينئذ يقع التعارض بين إطلاق الجزاء في القضيتين مع إطلاق الشرط فيهما، وبتبعه يقع التعارض بين إطلاق الشرطيتين، فيدور الامر بين رفع اليد عن إطلاق الشرط - ويقال: إن كل شرط مع عدم تقدم شرط آخر عليه أو تقارنه به، مستقل، أو مؤثر - و حفظ إطلاق الجزاء، وبين رفع اليد عن إطلاق الجزاء تقييد ماهية الوضوء، وحفظ إطلاق الشرط، ولا ترجيح بينهما، لان ظهور الاطلاقين على حد سوأ، فلا يمكن أن يكون أحدهما بيانا للاخر.