عليك ورحمته - إلى قوله - فسوف نؤتيه أجرا عظيما " فلما نزل القرآن أتي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة فقال قتادة: لما أتيت عمي بالسلاح وكان شيخا قد عمى أو عشى الشك من أبي عيسى في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدخولا فلما أتيته بالسلاح قال: يا ابن أخي هي في سبيل الله فعرفت أن إسلامه كان صحيحا فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين فنزل على سلافة بنت سعد بن سمية فأنزل الله تعالى " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا * إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا " فلما نزل على سلافة بنت سعد هجاها حسان بن ثابت بأبيات من شعر فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت به فرمته في الأبطح ثم قالت: أهديت لي شعر حسان ما كنت تأتيني بخير. لفظ الترمذي هذا حديث غريب لا نعلم أحدا أسنده غير محمد بن سلمة الحراني ورواه يونس بن بكير وغير واحد عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلا لم يذكروا فيه عن أبيه عن جده ورواه ابن أبي حاتم عن هاشم بن القاسم الحراني عن محمد بن سلمة به ببعضه ورواه ابن المنذر في تفسيره حدثنا محمد بن إسماعيل يعنى الصائغ حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني حدثنا محمد بن سلمة فذكره بطوله ورواه أبو الشيخ الأصبهاني في تفسيره عن محمد بن عياش بن أيوب والحسن بن يعقوب كلاهما عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني عن محمد بن سلمة به ثم قال في آخره قال محمد بن سلمة سمع مني هذا الحديث يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحق بن إسرائيل وقد روى هذا الحديث الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه المستدرك عن ابن العباس الأصم عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بمعناه أتم منه وفيه الشعر ثم قال: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقوله تعالى " يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله " الآية هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم ويجاهرون الله بها لأنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم ولهذا قال " وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا " تهديد لهم ووعيد، ثم قال تعالى " ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا " الآية. أي هب أن هؤلاء انتصروا في الدنيا بما أبدوه أو أبدى لهم عند الحكام الذين يحكمون بالظاهر وهم متعبدون بذلك فماذا يكون صنيعهم يوم القيامة بين يدي الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى ومن ذا الذي يتوكل لهم يومئذ يوم القيامة في ترويج دعواهم أي لا أحد يومئذ يكون لهم وكيلا ولهذا قال " أم من يكون عليهم وكيلا ".
ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما (110) ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما (111) ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا (112) ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شئ وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما (113) يخبر تعالى عن كرمه وجوده أن كل من تاب إليه تاب عليه من أي ذنب كان فقال تعالى " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: أخبر الله عباده بعفوه وحلمه وكرمه وسعة رحمته ومغفرته فمن أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرا " ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " ولو كانت ذنوبه أعظم من السماوات والأرض والجبال رواه ابن جرير. وقال ابن جرير أيضا:
حدثنا محمد بن مثنى حدثنا محمد بن أبي عدي حدثنا شعبة عن عاصم عن أبي وائل قال: قال عبد الله: كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنبا أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه وإذا أصاب البول منه شيئا قرضه