ومحاسبته تعالى خلقه على ما عملوا ومجازاته إياهم بما كسبوا من خير وشر ويحذرهم عقوبته: " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " وقد روي أن هذه الآية آخر آية نزلت من القرآن العظيم فقال ابن لهيعة حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال آخر ما نزل من القرآن كله " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " وعاش النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هذه الآية تسع ليال ثم مات يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول رواه ابن أبي حاتم وقد رواه ابن مردويه من حديث المسعودي عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال آخر آية نزلت " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله " وقد رواه النسائي من حديث يزيد النحوي عن عكرمة عن عبد الله بن عباس قال آخر شئ نزل من القرآن " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " وكذا رواه الضحاك والعوفي عن ابن عباس وروى الثوري عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال آخر آية نزلت " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله " فكان بين نزولها وموت النبي - صلى الله عليه وسلم - واحد وثلاثون يوما. وقال ابن جريج قال ابن عباس آخر آية نزلت " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله " الآية. قال ابن جريج يقولون إن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاش بعدها تسع ليال وبدئ يوم السبت. ومات يوم الاثنين رواه ابن جرير ورواه ابن عطية عن أبي سعيد قال آخر آية نزلت " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ".
يا أيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها واشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شئ عليم (282) هذه الآية الكريمة أطول آية في القرآن العظيم وقد قال الإمام أبو جعفر بن جرير حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال حدثني سعيد بن المسيب أنه بلغه أن أحدث القرآن بالعرش آية الدين وقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أنه قال لما نزلت آية الدين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إن أول من جحد آدم عليه السلام إن الله لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذار إلى يوم القيامة فجعل يعرض ذريته عليه فرأى فيهم رجلا يزهر فقال أي رب من هذا؟ قال هو ابنك داود قال أي رب كم عمره؟ قال ستون عاما قال رب زد في عمره قال لا إلا أن أزيده من عمرك وكان عمر آدم ألف سنة فزاده أربعين عاما فكتب عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة فلما احتضر آدم وأتته الملائكة قال إنه قد بقي من عمري أربعون عاما فقيل له إنك قد وهبتها لابنك داود قال ما فعلت فأبرز الله عليه الكتاب وأشهد عليه الملائكة " وحدثنا أسود بن عامر عن حماد بن سلمة فذكره وزاد فيه " فأتمها الله لداود مائة وأتمها لآدم ألف سنة ". وكذا رواه ابن أبي حاتم عن يوسف بن أبي حبيب عن أبي داود الطيالسي عن حماد بن سلمة. هذا حديث غريب جدا وعلي بن زيد بن جدعان في أحاديثه نكارة وقد رواه الحاكم في مستدركه بنحوه من حديث الحارث بن عبد الرحمن بن أبي وثاب عن سعيد المقبري عن