التفسير بالمأثور التفسير بالمأثور - أو التفسير النقلي - هو تفسير القران بما جاء في القرآن نفسه من تبيان لبعض آياته، وبما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. وقد كان هذا النوع من التفاسير أولها ظهورا كما تدرج خلال تطور هذا العلم من الرواية في عصر الصحابة والتابعين إلى التدوين في القرن الثاني، لان الحديث كان أول ما اهتم العلماء بتدوينه، ثم لما انفصل التفسير عن الحديث وأفرد بتأليف خاص كان أول ما ظهر فيه صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ثم ظهرت أجزاء في التفسير كجزء أبي روق، وأجزاء محمد بن ثور عن ابن جريج (1)، ثم ظهر التأليف الموسوعي في التفسير الذي جمع أصحابه فيه كل ما روي من التفسير المأثور كتفسير ابن جرير الطبري، وتوسع أصحابها في النقل وأكثروا منه بالأسانيد المتصلة حتى استقاض.
ثم وجد بعد ذلك أقوام دونوا التفسير بالمأثور بدون ذكر الأسانيد، وأكثروا من نقل الأقوال بدون التفرقة بين الصحيح وغيره، مما أفقد الثقة بها، وبخاصة عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب، حتى نقل عن الإمام الشافعي قوله: " لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث " (2) وهو عدد لا يكاد يذكر أمام ما يروى عن ابن عباس في التفسير، وهذا يدل على مبلغ ما دخل في التفسير بالمأثور من الروايات الموضوعة والإسرائيلية، ولقد كانت كثرة المرويات أكبر عامل في صرف همة العلماء إلى البحث والتمحيص، والنقد والتعديل والتجريح، وترجع أسباب الضعف في رواية التفسير بالمأثور إلى كثرة الوضع، ودخول الإسرائيليات.
* أما الوضع فقد كان مصدره أهل البدع والأهواء والفرق، والأقوام الذي دخلوا في الاسلام ظاهرا وهم يبطنون الكفر بقصد الكيد له وتضليل أهله، فوضعوا الروايات الباطلة في تفسير القران ليصلوا إلى أغراضهم، فكثرت الروايات، وضمن مؤلفوا التفاسير هذه الروايات في كتبهم دون تحر منهم لصحة أسانيدها، لان منهجهم في التأليف كان إيراد كل ما ورد من الروايات في الآية الواحدة تاركين أمر تمحيصها لثقافة القارئ. ولقد بذل المحدثون في هذه الفترة جهودا جبارة في مقاومة الوضع وتمييز الصحيح من الروايات عن غيره، ووضعوا في ذلك التصانيف، وأنشأوا علم مصطلح الحديث، ووضعوا قواعد دقيقة جدا لمعرفة الصحيح من غيره، حتى ميزوا الصحيح من الموضوع فحفظ الله بهم دينه (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
التفسير والإسرائيليات * وأما الإسرائيليات: فيمكن تعريفها بأنها الروايات المأخوذة عن اليهود والنصارى في أخبار أممهم السابقة وقصص أنبيائهم، وإن كان الجانب اليهودي هو الذي اشتهر أمره، وغلب على الجانب النصراني بسبب أغلبية اليهود في ذلك الوقت واختلاطهم مع المسلمين في بلادهم، ولقد نزل القرآن بموضوعات وردت في التوراة والإنجيل، كقصة آدم عليه السلام ونزوله إلى الأرض، وقصة موسى عليه السلام مع قومه اليهود، وقصة عيسى عليه السلام وأمه مريم، كل ذلك ورد في القرآن الكريم موجزا يقتصر على ذكر العظة والعبرة من قصصهم دون التعرض لتفاصيل قصصهم، وقد وجد المسلمون تفصيل هذا الايجاز عند أهل الديانات السابقة بما لا يتعارض مع شريعتهم، فلجأوا إليهم، واقتبسوا منهم، دون تحر منهم لصحة هذه الأخبار.