أحمد حدثنا محمد بن جرير بن يزيد حدثنا أبو معاذ نهار بن معاذ بن عثمان الليثي أخبرنا زيد بن الحباب أخبرني عمر البزار عن عنبسة الخواص عن قتادة عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الابدال في أمتي ثلاثون: بهم ترزقون وبهم تمطرون وبهم تنصرون قال قتادة: إني لأرجو أن يكون الحسن منهم.
وقوله " ولكن الله ذو فضل على العالمين " أي ذو من عليهم ورحمة بهم يدفع عنهم ببعضهم بعضا وله الحكم والحكمة والحجة على خلقه في جميع أفعاله وأقواله.
ثم قال تعالى " تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين " أي هذه آيات الله التي قصصناها عليك من أمر الذين ذكرناهم بالحق أي بالواقع الذي كان عليه الامر المطابق لما بأيدي أهل الكتاب من الحق الذي يعلمه علماء بني إسرائيل " وإنك " أي يا محمد " لمن المرسلين " وهذا توكيد وتوطئة للقسم.
تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وأتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من أمن ومنهم من كفروا ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد (253) يخبر تعالى أنه فضل بعض الرسل على بعض كما قال تعالى " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا " وقال ههنا " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله " يعني موسى ومحمدا - صلى الله عليه وسلم - وكذلك آدم كما ورد به الحديث المروي في صحيح ابن حبان عن أبي ذر - رضي الله عنه - " ورفع بعضهم درجات " كما ثبت في حديث الاسراء حين رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنبياء في السماوات بحسب تفاوت منازلهم عند الله عز وجل " فإن قيل " فما الجمع بين هذه الآية وبين الحديث الثابت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود فقال اليهودي في قسم يقسمه: لا والذي اصطفى موسى على العالمين. فرفع المسلم يده فلطم بها وجه اليهودي فقال: أي خبيث؟ وعلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ فجاء اليهودي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاشتكى على المسلم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تفضلوني على الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور؟ فلا تفضلوني على الأنبياء " وفي رواية " لا تفضلوا بين الأنبياء " فالجواب من وجوه " أحدها " أن هذا كان قبل أن يعلم بالتفضيل وفي هذا نظر " الثاني " أن هذا قاله من باب الهضم والتواضع " الثالث " أن هذا نهي عن التفضيل في مثل هذه الحال التي تحاكموا فيها عند التخاصم والتشاجر " الرابع " لا تفضلوا بمجرد الآراء والعصبية " الخامس " ليس مقام التفضيل إليكم وإنما هو إلى الله عز وجل وعليكم الانقياد والتسليم له والايمان به.
وقوله " وآتينا عيسى ابن مريم البينات " أي الحجج والدلائل القاطعات على صحة ما جاء بني إسرائيل به من أنه عبد الله ورسوله إليهم " وأيدناه بروح القدس " يعني أن الله أيده بجبريل عليه السلام ثم قال تعالى " ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا " أي كل ذلك. عن قضاء الله وقدره ولهذا قال " ولكن الله يفعل ما يريد ".
يا أيها الذين أمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون (254)