خلف سارية فصلى ركعتين فقلت له: قال بعض القوم كذا وكذا فقال: الجنة لله يدخلها من يشاء وإني رأيت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رؤيا كأن رجلا أتاني فقال انطلق فذهبت معه فسلك بي منهجا عظيما فعرضت لي طريق عن يساري فأردت أن أسلكها فقال: إنك لست من أهلها ثم عرضت لي طريق عن يميني فسلكتها حتى انتهت إلى جبل زلق فأخذ بيدي فدحا بي فإذا أنا على ذروته فلم أتقار ولم أتماسك فإذا عمود حديد في ذروته حلقة من ذهب فأخذ بيدي فدحا بي حتى أخذت بالعروة فقال: استمسك فقلت نعم فضرب العمود برجله فاستمسك بالعروة فقصصتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رأيت خيرا أما المنهج العظيم فالمحشر وأما الطريق التي عرضت عن يسارك فطريق أهل النار ولست من أهلها وأما الطريق التي عرضت عن يمينك فطريق أهل الجنة وأما الجبل الزلق فمنزل الشهداء وأما العروة التي استمسكت بها فعروة الاسلام فاستمسك بها حتى تموت قال فإنما أرجو أن أكون من أهل الجنة.
قال: وإذا هو عبد الله بن سلام وهكذا رواه النسائي عن أحمد بن سليمان عن عفان وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن الحسن بن موسى الأشيب كلاهما عن حماد بن سلمة به نحوه وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث الأعمش عن سليمان بن مسهر عن خرشة بن الحر الفزاري به.
الله ولي الذين أمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (257) يخبر تعالى أنه يهدي من اتبع رضوانه سبل السلام فيخرج عباده المؤمنين من ظلمات الكفر والشك والريب إلى نور الحق الواضح الجلي المبين السهل المنير وأن الكافرين إنما وليهم الشيطان يزين لهم ما هم فيه من الجهالات والضلالات ويخرجونهم ويحيدون بهم عن طريق الحق إلى الكفر والإفك " أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " ولهذا وحد تعالى لفظ النور وجمع الظلمات لان الحق واحد والكفر أجناس كثيرة وكلها باطلة كما قال " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " وقال تعالى " وجعل الظلمات والنور " وقال تعالى " عن اليمين وعن الشمال " إلى غير ذلك من الآيات التي في لفظها إشعار بتفرد الحق وانتشار الباطل وتفرده وتشعبه وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا علي بن ميسرة حدثنا عبد العزيز بن أبي عثمان عن موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد قال: يبعث أهل الأهواء أو قال تبعث أهل الفتن فمن كان هواه الايمان كانت فتنته بيضاء مضيئة ومن كان هواه الكفر كانت فتنته سوداء مظلمة ثم قرأ هذه الآية " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ".
ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن أتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين (258) هذا الذي حاج إبراهيم في ربه وهو ملك بابل نمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح ويقال: نمرود بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح والأول قول مجاهد وغيره: قال مجاهد: وملك الدنيا مشارقها ومغاربها أربعة: مؤمنان وكافران فالمؤمنان سليمان بن داود وذو القرنين والكافران نمرود وبختنصر والله أعلم ومعنى قوله " ألم تر " أي بقلبك يا محمد " إلى الذي حاج إبراهيم في ربه " أي وجود ربه وذلك أنه أنكر أن يكون إله غيره كما قال بعده فرعون لملئه " ما علمت لكم من إله غيري " وما حمله على هذا الطغيان والكفر الغليظ والمعاندة الشديدة