ولهذا قال تعالى " وقضي الامر وإلى الله ترجع الأمور " كما قال تعالى " كلا إذا دكت الأرض دكا دكا * وجاء ربك والملك صفا صفا * وجئ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الانسان وأنى له الذكرى " وقال " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك " الآية. وقد ذكر الإمام أبو جعفر بن جرير ههنا حديث الصور بطوله من أوله عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو حديث مشهور ساقه غير واحد من أصحاب المسانيد وغيرهم وفيه - أن الناس إذا اهتموا لموقفهم في العرصات تشفعوا إلى ربهم بالأنبياء واحدا واحدا من آدم فمن بعده فكلهم يحيد عنها حتى ينتهوا إلى محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - فإذا جاءوا إليه قال " أنا لها أنا لها " فيذهب فيسجد لله تحت العرش ويشفع عند الله في أن يأتي لفصل القضاء بين العباد فيشفعه الله ويأتي في ظلل من الغمام بعد ما تنشق السماء الدنيا وينزل من فيها من الملائكة ثم الثانية ثم الثالثة إلى السابعة وينزل حملة العرش والكروبيون قال وينزل الجبار عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة ولهم زجل في تسبيحهم يقولون: سبحان ذي الملك والملكوت سبحان ذي العزة والجبروت سبحان الحي الذي لا يموت سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبوح قدوس سبحان ربنا الاعلى سبحان ذي السلطان والعظمة سبحانه سبحانه أبدا أبدا. وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه ههنا أحاديث فيها غرابة والله أعلم. فمنها ما رواه من حديث المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله بن ميسرة عن مسروق عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء وينزل الله في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي " وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة حدثنا أبو بكر بن عطاء بن مقدم حدثنا معتمر بن سليمان سمعت عبد الجليل القيسي يحدث عن عبد الله بن عمرو " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام " الآية. قال يهبط حين يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب منها النور والظلمة والماء فيصوت الماء في تلك الظلمة صوتا تنخلع له القلوب. قال: وحدثنا أبي حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي حدثنا الوليد قال: سألت زهير بن محمد عن قول الله " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام " قال: ظلل من الغمام منظوم من الياقوت مكلل بالجوهر والزبرجد. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في ظلل من الغمام قال: هو غير السحاب ولم يكن قط إلا لبني إسرائيل في تيههم حين تاهوا. وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية: " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة " يقول: والملائكة يجيئون في ظلل من الغمام والله تعالى يجئ فيما يشاء وهي في بعض القراءات " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام " وهي كقوله " ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا ".
سل بني إسرائيل كم أتيناهم من أية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب (211) زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين أمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب (212) يقول تعالى مخبرا عن بني إسرائيل كم شاهدوا مع موسى من آية بينة أي حجة قاطعة بصدقه فيما جاءهم به كيده وعصاه وفلقه البحر وضربه الحجر وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدة الحر ومن إنزال المن والسلوى وغير ذلك من الآيات الدالات على وجود الفاعل المختار وصدق من جرت هذه الخوارق على يديه ومع هذا أعرض كثير منهم عنها وبدلوا نعمة الله كفرا أي استبدلوا بالايمان بها الكفر بها والاعراض عنها " ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب " كما قال تعالى إخبارا عن كفار قريش " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار ". ثم أخبر تعالى عن تزيينه الحياة الدنيا للكافرين الذين رضوا بها واطمأنوا