أراد أمرا فبلغه " وفي حديث آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن عبد الله بن جدعان هل ينفعه إنفاقه وإعتاقه؟ فقال: لا:
إنه لم يقل يوما من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " ولهذا قال تعالى " ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر " الآية أي إنما حملهم صنيعهم هذا القبيح وعدو لهم عن فعل الطاعة على وجهها الشيطان فإنه سول لهم وأملى لهم وقارنهم فحسن لهم القبائح ولهذا قال تعالى " ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا " ولهذا قال الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتدي ثم قال تعالى " وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله " الآية. أي وأي شئ يضرهم لو آمنوا بالله وسلكوا الطريق الحميدة وعدلوا عن الرياء إلى الاخلاص والايمان بالله رجاء موعوده في الدار الآخرة لمن يحسن عمله وأنفقوا مما رزقهم الله في الوجوه التي يحبها الله ويرضاها وقوله " وكان الله بهم عليما " أي وهو عليم بنياتهم الصالحة والفاسدة وعليم بمن يستحق التوفيق منهم فيوفقه ويلهمه رشده ويقيضه لعلم صالح يرضى به عنه وبمن يستحق الخذلان والطرد عن جنابه الأعظم الإلهي الذي من طرد عن بابه فقد خاب وخسر في الدنيا والآخرة عياذا بالله من ذلك.
إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما (40) فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (41) يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا (42) يقول تعالى مخبرا أنه لا يظلم أحدا من خلقه يوم القيامة مثقال حبة خردل ولا مثقال ذرة بل يوفيها له ويضاعفها له إن كانت حسنة كما قال تعالى " ونضع الموازين القسط " الآية وقال تعالى مخبرا عن لقمان أنه قال " يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله " الآية. وقال تعالى " يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " وفي الصحيحين من حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة الطويل وفيه " فيقول الله عز وجل ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجوه من النار " وفي لفظ " أدني أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه من النار " فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقول أبو سعيد اقرءوا إن شئتم " إن الله لا يظلم مثقال ذرة " الآية. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عيسى بن يونس عن هارون بن عنترة عن عبد الله بن السائب عن زاذان قال: قال عبد الله بن مسعود يؤتى بالعبد أو الأمة يوم القيامة فينادي مناد على رؤوس الأولين والآخرين هذا فلان بن فلان من كان له حق فليأت إلى حقه فتفرح المرأة أن يكون لها الحق على أبيها أو أمها أو أخيها أو زوجها ثم قرأ " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " فيغفر الله من حقه ما يشاء ولا يغفر من حقوق الناس شيئا فينصب للناس فيقول ائتوا إلى الناس حقوقهم فيقول يا رب فنيت الدنيا من أين أوتيهم حقوقهم فيقول خذوا من أعماله الصالحة فأعطوها كل ذي حق حقه بقدر مظلمته فإن كان وليا لله ففضل له مثقال ذرة ضاعفها الله له حتى يدخله بها الجنة ثم قرأ علينا " إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها " وإن كان عبدا شقيا قال الملك رب فنيت حسناته وبقي طالبون كثير فيقول خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صكوا له صكا إلى النار ورواه ابن جرير من وجه آخر عن زاذان به نحوه ولبعض هذا الأثر شاهد في الحديث الصحيح وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم حدثنا فضيل يعني ابن مرزوق عن عطية العوفي حدثني عبد الله بن عمر قال نزلت هذه الآية في الاعراب " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " قال رجل فما للمهاجرين يا أبا عبد الرحمن قال ما هو أفضل من ذلك " إن الله لا