نؤتى مثل ما أوتي رسل الله " الآية وقوله تعالى " وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا " إلى قوله " قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا " وقوله تعالى " وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا " الآية وقوله تعالى " بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة " إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كفر مشركي العرب وعتوهم وعنادهم وسؤالهم ما لا حاجة لهم به إنما هو الكفر والمعاندة كما قال من قبلهم من الأمم الخالية من أهل الكتابين وغيرهم كما قال تعالى " يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة " وقال تعالى " وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " وقوله تعالى " تشابهت قلوبهم " أي أشبهت قلوب مشركي العرب قلوب من تقدمهم في الكفر والعناد والعتو كما قال تعالى " كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به " الآية وقوله تعالى " قد بينا الآيات لقوم يوقنون " أي قد أوضحنا الدلالات على صدق الرسل بما لا يحتاج معها إلى سؤال آخر وزيادة أخرى لمن أيقن وصدق واتبع الرسل وفهم ما جاؤوا به عن الله تبارك وتعالى وأما من ختم الله على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة فأولئك قال الله فيهم " إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ".
إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسئل عن أصحاب الجحيم (119) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي أخبرنا عبد الرحمن بن صالح أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الفزاري عن شيبان النحوي أخبرني قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنزلت علي " إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا " قال بشيرا بالجنة ونذيرا من النار " وقوله " ولا تسأل عن أصحاب الجحيم " قراءة أكثرهم ولا تسأل بضم التاء على الخبر وفي قراءة أبي بن كعب وما تسأل وفي قراءة ابن مسعود ولن تسأل عن أصحاب الجحيم نقلهما ابن جرير أي لا نسألك عن كفر من كفر بك كقوله " فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب " وكقوله تعالى " فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر " الآية وكقوله تعالى " نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " وأشباه ذلك من الآيات وقرأ آخرون " ولا تسأل عن أصحاب الجحيم " بفتح التاء على النهي أي لا تسأل عن حالهم كما قال عبد الرزاق: أخبرنا الثوري عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليت شعري ما فعل أبواي ليت شعري ما فعل أبواي ليت شعري ما فعل أبواي؟ " فنزلت " ولا تسأل عن أصحاب الجحيم " فما ذكرهما حتى توفاه الله عز وجل ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن وكيع عن موسى بن عبيدة وقد تكلموا فيه عن محمد بن كعب بمثله قد حكاه القرطبي عن ابن عباس ومحمد بن كعب قال القرطبي:
وهذا كما يقال لا تسأل عن فلان أي قد بلغ فوق ما تحسب وقد ذكرنا في التذكرة أن الله أحيا له أبويه حتى آمنا به وأجبنا عن قوله " إن أبي وأباك في النار " " قلت " والحديث المروي في حياة أبويه عليه السلام ليس في شئ من الكتب الستة ولا غيرها وإسناده ضعيف والله أعلم. ثم قال ابن جرير وحدثني القاسم أخبرنا الحسين حدثني حجاج عن ابن جريج أخبرني داود بن أبي عاصم به أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم " أين أبواي "؟ فنزلت " إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم " وهذا مرسل كالذي قبله وقد رد ابن جرير هذا القول المروي عن محمد بن كعب وغيره في ذلك لاستحالة الشك في الرسول صلى الله عليه وسلم في أمر أبويه واختار القراءة الأولى وهذا الذي سلكه ههنا فيه نظر لاحتمال أن هذا كان في حال استغفاره لأبويه قبل أن يعلم أمرهما لما علم ذلك تبرأ منهما وأخبر عنهما أنهما من أهل النار كما ثبت هذا في الصحيح ولهذا أشباه كثيرة ونظائر ولا يلزم ما ذكره ابن جرير والله أعلم.
وقال الإمام أحمد أخبرنا موسى بن داود حدثنا فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة فقال: أجل والله إنه لموصوف في