كثيرا من التلاميذ بسبب اشتغاله بالتدريس في المدارس، قال الحسيني (ت 765 ه) في " ذيل تذكرة الحفاظ " ص 58: (وولي مشيخة أم الصالح، والتنكزية بعد الذهبي). وقال الداودي (ت 945 ه) في " طبقات المفسرين " 1 / 112: (وبعد موت السبكي - ولي - مشيخة دار الحديث الأشرفية).
أخلاقه ومكانته العلمية قال الحسيني (ت 765 ه) في " ذيل تذكرة الحفاظ " ص 58: (وأفتي ودرس: وناظر وبرع في الفقه والتفسير والنحو وأمعن النظر في الرجال والعلل... وذكره الذهبي في مسودة " طبقات الحفاظ " وقال في " المعجم المختص ": هو فقيه متقن، ومحدث محقق، ومفسر نقاد)، وقال الحافظ ابن حجر (ت 852 ه) في " الدرر الكامنة " 1 / 374: (واشتغل بالحديث مطالعة في متونه ورجاله، وكان كثير الاستحضار، حسن المفاكهة سارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته، ولم يكن على طريق المحدثين في تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنونهم، وإنما هو من محدثي الفقهاء) وقد دفع السيوطي عن ابن كثير هذا الاتهام فقال في " ذيل تذكرة الحفاظ " ص 362 (قلت: العمدة في علم الحديث معرفة صحيح الحديث وسقيمه، وعلله واختلاف طرقه، ورجاله جرحا وتعديلا، وأما العالي والنازل ونحو ذلك فهو من الفضلات، لا من الأصول المهمة).
ولسنا نوافق السيوطي في اعتبار العالي والنازل من الفضلات خاصة في عصر ابن كثير الذي استمرت الرواية بالاسناد إليه، والذي حرص علماؤه على رواية كتب الأئمة المحدثين عن شيوخهم بالأسانيد العالية، وقد أورد الحسيني (765 ه) في " ذيل تذكرة الحفاظ " ص 59 حديثا مسندا من طريق الحافظ ابن كثير: (أخبرنا الحافظ عماد الدين ابن كثير بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب - وقد أجاز لي أيضا أحمد المذكور - قال: أخبرنا أبو المنجا بن اللتي قال: أخبرنا أبو الوقت الصوفي، قال: أخبرنا محمد الفارسي، قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي سريج، قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي، قال: أخبرنا أبو الجهم الباهلي قال: حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل أحد ممن بايع تحت الشجرة النار " رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي عن قتيبة، عن الليث) فهذا إسناد يتضمن (10) رجال خلال ثمانية قرون، وهو في غاية العلو.
وذكره الداودي (ت 945 ه) في " طبقات المفسرين " 1 / 112 فقال: (كان قدوة العلماء والحفاظ، وعمدة أهل المعاني والألفاظ.. وقال تلميذه الحافظ شهاب الدين بن حجي: كان أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث، وأعرفهم بتخريجها ورجالها وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك، وكان يستحضر شيئا كثيرا من الفقه والتاريخ، قليل النسيان وكان فقيها جيد الفهم، صحيح الذهن، ويحفظ " التنبيه " إلى آخر وقت، ويشارك في العربية مشاركة جيدة، وينظم الشعر، وما أعرف أني اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلا واستفدت منه).
ويقول: (وولي مشيخة أم الصالح بعد موت الذهبي، وبعد موت السبكي مشيخة دار الحديث الأشرفية مدة يسيرة، ثم أخذت منه) وذكر ابن العماد (ت 1089 ه) في " شذرات الذهب " 6 / 231.
(وقال ابن حبيب فيه: إمام روي التسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل، سمع وجمع وصنف، وأطرب الاسماع بالفتوى وشنف، وحدث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رياسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير، وهو القائل: