الرجل فلعله لا يكون بمستكثر منها ولا يكون لها ولد ويكون لها صحبة فتقول: لا تطلقني وأنت في حل من شأني. حدثني المثنى حدثنا حجاج بن منهال حدثنا حماد بن سلمة عن هشام عن عروة عن عائشة في قوله " وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " قالت: هو الرجل يكون له المرأتان إحداهما قد كبرت والأخرى دميمة وهو لا يستكثر منها فتقول: لا تطلقني وأنت في حل من شأني وهذا الحديث ثابت في الصحيحين من غير وجه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بنحو ما تقدم ولله الحمد والمنة. قال ابن جرير حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا:
حدثنا جرير عن أشعث عن ابن سيرين قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فسأله عن آية فكرهه فضربه بالدرة فسأله آخر عن هذه الآية " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ثم قال عن مثل هذا فاسألوا ثم قال هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها فيتزوج المرأة الشابة يلتمس ولدها فما اصطلحا عليه من شئ فهو جائز. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين الهسنجاني حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن خالد بن عرعرة قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فسأله عن قول الله عز وجل " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما " قال علي: يكون الرجل عنده المرأة فتنبو عيناه عنها من دمامتها أو كبرها أو سوء خلقها أو قذذها فتكره فراقه فإن وضعت له من مهرها شيئا حل له وإن جعلت له من أيامها فلا حرج وكذا رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن حماد بن سلمة وأبي الأحوص ورواه ابن جرير من طريق إسرائيل أربعتهم عن سماك به وكذا فسرها ابن عباس وعبيدة السلماني ومجاهد بن جبير والشعبي وسعيد بن جبير وعطاء وعطية العوفي ومكحول والحسن والحكم بن عتبة وقتادة وغير واحد من السلف والأئمة ولا أعلم في ذلك خلافا أن المراد بهذه الآية هذا والله أعلم. وقال الشافعي: أنبأنا ابن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب أن بنت محمد بن مسلم كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمرا إما كبرا أو غيره فأراد طلاقها فقالت لا تطلقني وأقسم لي ما بدا لك فأنزل الله عز وجل " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " الآية وقد رواه الحاكم في مستدركه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار بأطول من هذا السياق وقال الحافظ أبو بكر البيهقي حدثنا سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني أنبأنا علي بن محمد بن عيسى أنبأنا أبو اليمان أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن السنة في هاتين الآيتين اللتين ذكر الله فيهما نشوز الرجل وإعراضه عن امرأته في قوله " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " إلى تمام الآيتين أن المرء إذا نشز عن امرأته وآثر عليها فإن من الحق أن يعرض عليها أن يطلقها أو تستقر عنده على ما كانت من أثرة في القسم من ماله ونفسه صلح له ذلك وكان صلحها عليه. كذلك ذكر سعيد بن المسيب وسليمان الصلح الذي قال الله عز وجل " فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير " وقد ذكر لي أن رافع بن خديج الأنصاري وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانت عنده امرأة حتى إذا كبرت تزوج عليها فتاة شابة وآثر عليها الشابة فناشدته الطلاق فطلقها تطليقة ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها ثم عاد فأثر عليها الشابة فناشدته الطلاق فقال لها ما شئت إنما بقيت لك تطليقة واحدة فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة وإن شئت فارقتك فقالت لا بل أستقر على الأثرة فأمسكها على ذلك فكان ذلك صلحهما ولم ير رافع عليه إثما حين رضيت أن تستقر عنده على الأثرة فيما أثر به عليها وهكذا رواه بتمامه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار فذكره بطوله والله أعلم وقوله " والصلح خير " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني التخيير أن يخير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها والظاهر من الآية أن صلحهما على ترك بعض حقها للزوج وقبول الزوج ذلك خير من المفارقة بالكلية كما أمسك النبي صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة على أن تركت يومها لعائشة رضي الله عنها ولم يفارقها بل تركها من جملة نسائه وفعله ذلك لتتأسى به أمته في مشروعية ذلك وجوازه فهو أفضل في حقه عليه الصلاة والسلام ولما كان الوفاق أحب إلى الله من الفراق قال " والصلح خير " بل الطلاق بغيض إليه سبحانه وتعالى ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجة جميعا