القاعدين درجة " فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر " وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما * درجات منه " على القاعدين من المؤمنين " غير أولى الضرر ". هذا لفظ الترمذي ثم قال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه فقوله " لا يستوي القاعدون من المؤمنين " كان مطلقا فلما نزل بوحي سريع " غير أولي الضرر " صار ذلك مخرجا لذوي الاعذار المبيحة لترك الجهاد من العمى والعرج والمرضى عن مساواتهم للمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ثم أخبر تعالى بفضيلة المجاهدين على القاعدين قال ابن عباس: " غير أولي الضرر " وكذا ينبغي أن يكون كما ثبت في صحيح البخاري من طريق زهير بن معاوية عن حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن بالمدينة أقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه " قالوا وهم بالمدينة يا رسول الله؟ قال " نعم حبسهم العذر ".
وهكذا رواه أحمد عن محمد بن عدي عن حميد عن أنس به وعلقه البخاري مجزوما ورواه أبو داود عن حماد بن سلمة عن حميد عن موسى بن أنس بن مالك عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم من مسير ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه " قالوا وكيف يا رسول الله يكونون معنا فيه؟ قال " نعم حبسهم العذر " لفظ أبي داود وفي هذا المعنى قال الشاعر:
يا راحلين إلى البيت العتيق لقد * سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا إنا أقمنا على عذر وعن قدر * ومن أقام على عذر فقد راحا وقوله " وكلا وعد الله الحسنى " أي الجنة والجزاء الجزيل. وفيه دلالة على أن الجهاد ليس بفرض عين بل هو فرض.
على الكفاية. قال تعالى " وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما " ثم أخبر سبحانه بما فضلهم به من الدرجات في غرف الجنان العاليات ومغفرة الذنوب والزلات وأحوال الرحمة والبركات إحسانا منه وتكريما ولهذا قال " درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما ".
وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض " وقال الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من رمى بسهم فله أجره درجة " فقال رجل يا رسول الله وما الدرجة؟ فقال " أما إنها ليست بعتبة أمك. ما بين الدرجتين مائة عام ".
إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا (97) إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا (98) فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا (99) ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما (100) قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا حياة وغيره قالا حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود قال:
قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته فنهاني عن ذلك أشد النهي قال:
أخبرني ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب عنقه فيقتل فأنزل الله " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ". رواه الليث عن أبي الأسود. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن منصور الرمادي حدثنا أبو أحمد يعني الزبيري حدثنا