قال تعالى في الآية الأخرى التي في براءة " ورضوان من الله أكبر " أي أعظم مما أعطاهم من النعيم المقيم ثم قال تعالى " والله بصير بالعباد " أي يعطي كلا بحسب ما يستحقه من العطاء.
الذين يقولون ربنا إننا أمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار (16) الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار (17) يصف تبارك وتعالى عباده المتقين الذين وعدهم الثواب الجزيل فقال تعالى " الذين يقولون ربنا إننا آمنا " أي بك وبكتابك وبرسولك " فاغفر لنا ذنوبنا " أي بإيماننا بك وبما شرعته لنا فاغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا من أمرنا بفضلك ورحمتك " وقنا عذاب النار " ثم قال تعالى " الصابرين " أي في قيامهم بالطاعات وتركهم المحرمات " والصادقين " فيما أخبروا به من إيمانهم بما يلتزمونه من الأعمال الشاقة " والقانتين " والقنوت الطاعة والخضوع " والمنفقين " أي من أموالهم في جميع ما أمروا به من الطاعات وصلة الأرحام والقرابات وسد الخلات ومواساة ذوي الحاجات " والمستغفرين بالاسحار " دل على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار وقد قيل: إن يعقوب عليه السلام لما قال لبنيه " سوف أستغفر لكم ربي " أنه أخرهم إلى وقت السحر. وثبت في الصحيحين وغيرهما من المساند والسنن من غير وجه من جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال " ينزل الله تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فقول: هل من سائل فأعطيه؟
هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ " الحديث. وقد أفرد الحافظ أبو الحسن الدارقطني في ذلك جزء على حدة فرواه من طرق متعددة. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم من أوله وأوسطه وآخره فانتهى وتره إلى السحر. وكان عبد الله بن عمر يصلي من الليل ثم يقول: يا نافع هل جاء السحر؟ فإذا قال: نعم أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح رواه ابن أبي حاتم. وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع حدثنا أبي عن حريث بن أبي مطر عن إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال: سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد وهو يقول: يا رب أمرتني فأطعتك وهذا السحر فاغفر لي فنظرت فإذا هو ابن مسعود رضي الله عنه. وروى ابن مردويه عن أنس بن مالك قال: كنا نؤمر إذا صلينا من الليل أن نستغفر في آخر السحر سبعين مرة.
شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم (18) إن الدين عند الله الاسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب (19) فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد (20) شهد تعالى وكفى به شهيدا وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم وأصدق القائلين " أنه لا إله إلا هو " أي المنفرد بالإلهية لجميع الخلائق وأن الجميع عبيده وخلقه وفقراء إليه وهو الغني عما سواه كما قال تعالى " لكن الله يشهد بما أنزل إليك " الآية ثم قرن شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته فقال " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم " وهذه خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام " قائما بالقسط " منصوب على الحال وهو في جميع الأحوال كذلك " لا إله إلا هو " تأكيد لما سبق " العزيز الحكيم " العزيز الذي لا يرام جنابه عظمة وكبرياء الحكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن عبد ربه حدثنا بقية بن الوليد حدثني جبير بن عمرو القرشي