الأشعري، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم أجمعين.
مصادر التفسير في عهد الصحابة 1 - القران الكريم نفسه حيث أن آياته يفسر بعضها بعضا، وما أجمل في موضع منه قد يبين في موضع آخر، فمن ذلك تفسير قوله تعالى في سورة المؤمن، الآية (28): (وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم) بأنه العذاب الأدنى المعجل في الدنيا، لقوله تعالى في آخر السورة، الآية (77): (فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون).
2 - السنة النبوية الشريفة، فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من آيات القران، قال تعالى في سورة النحل، الآية (44): (ونزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)، والذي يرجع إلى كتب الحديث يجدها حافلة بأبواب التفسير المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، من ذلك ما رواه الترمذي، وابن حبان في " صحيحه " عن ابن مسعود قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " (الصلاة الوسطى) صلاة العصر "، وقد اعتمد كثير من مؤلفي التفسير على الحديث في تفسره، فسمي هذا النوع بالتفسير بالمأثور، ومنها تفسير ابن كثير الذي بين أيدينا.
3 - أقوال الصحابة: كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا لم يجدوا التفسير في القران، ولم يسمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجعوا في ذلك إلى اجتهادهم لأنهم عاينوا نزول القران، ولأنهم كانوا من خلص العرب، يعرفون عاداتهم والألفاظ ومعانيها، ومناحي العرب في كلامهم، ومعتمدين في ذلك على الشعر الذي هو ديوان العرب كما يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد كان الصحابي الجليل ابن عباس صاحب النصيب الأكبر من ذلك، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا له فقال: " اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل " ولذلك لقب " بترجمان القرآن ".
مدراس التفسير على عهد الصحابة فتح الله على المسلمين كثير من بلاد العالم، وتوزع الصحابة في البلاد المفتوحة، وحملوا معهم علومهم وجلس إليهم كثير من التابعين يتتلمذون عليهم، فقامت في هذه البلاد مدارس علمية أساتذتها الصحابة وتلاميذها التابعون، واشتهرت من بين هذه المدارس ثلاث هي:
1 - مدرسة مكة المكرمة: أستاذها الصحابي الجليل ابن عباس، وتلاميذها: سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وطاوس، وعطاء...
2 - مدرسة المدينة المنورة: أستاذها الصحابي أبي بن كعب، وتلاميذها: زيد بن أسلم، وأبي العالية، ومحمد بن كعب القرظي...
3 - مدرسة العراق: أستاذها الصحابي عبد الله بن مسعود، وتلاميذها: علقمة، ومسروق، والأسود، ومرة، وعامر، والحسن، وقتادة...
وقد أضيف للتفسير في هذا العهد أقوال التابعين، وبدأ الخلاف يظهر فيه، كما بدأ يتسرب إليه الروايات الإسرائيليات بسبب رجوع بعض المفسرين لأهل الكتابين اليهود والنصارى.