يأمر تعالى عباده بالانفاق مما رزقهم في سبيله سبيل الخير ليدخروا ثواب ذلك عند ربهم ومليكهم وليبادروا إلى ذلك في هذه الحياة الدنيا " من قبل أن يأتي يوم " يعني يوم القيامة " لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة " أي لا يباع أحد من نفسه ولا يفادى بمال لو بذله ولو جاء بملء ء الأرض ذهبا ولا تنفعه خلة أحد يعني صداقته بل ولا نسابته كما قال " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " ولا شفاعة: أي ولا تنفعهم شفاعة الشافعين وقوله " والكافرون هم الظالمون " مبتدأ محصور في خبره أي ولا ظالم أظلم ممن وافى الله يومئذ كافرا وقد روى ابن أبي حاتم عن عطاء بن دينار أنه قال: الحمد لله الذي قال " والكافرون هم الظالمون " ولم يقل والظالمون هم الكافرون.
الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم (255) هذه آية الكرسي ولها شأن عظيم قد صح الحديث عن رسول - صلى الله عليه وسلم - بأنها أفضل آية في كتاب الله قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق حدثنا سفيان عن سعيد الجريري عن أبي السليل عن عبد الله بن رباح عن أبي هو ابن كعب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله " أي آية في كتاب الله أعظم " قال: الله ورسوله أعلم فرددها مرارا ثم قال: آية الكرسي قال " ليهنك العلم أبا المنذر والذي نفسي بيده إن لها لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش " وقد رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن الجريري به وليس عنده زيادة والذي نفسي بيده إلخ.
" حديث آخر " عن أبي أيضا في فضل آية الكرسي قال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا ميسرة عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبيدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن أبي بن كعب أن أباه أخبره أنه كان له جرن فيه تمر قال: فكان أبي يتعاهده فوجده ينقص قال فحرسه ذات ليلة فإذا هو بدابة شبيه الغلام المحتلم قال: فسلمت عليه فرد السلام قال: فقلت ما أنت؟ جني أم إنسي؟ قال: جني. قال: قلت له ناولني يدك قال فناولني يده فإذا يد كلب وشعر كلب فقلت هكذا خلق الجن؟ قال لقد علمت الجن ما فيهم أشد مني. قلت فما حملك على ما صنعت؟ قال بلغني أنك رجل تحب الصدقة فأحببنا أن نصيب من طعامك قال: فقال له أبي فما الذي يجيرنا منكم؟ قال: هذه الآية آية الكرسي ثم غدا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " صدق الخبيث " وهكذا رواه الحكم في مستدركه من حديث أبي داود الطيالسي عن حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن الحضرمي بن لا حق عن محمد بن عمرو بن أبي بن كعب عن جده به وقال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه " طريق أخرى " قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا عثمان بن عتاب قال: سمعت أبا السليل قال: كان رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث الناس حتى يكثروا عليه فيصعد على سطح بيت فيحدث الناس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أي آية في القرآن أعظم " فقال رجل " الله لا إله إلا هو الحي القيوم " قال فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي أو قال فوضع يده بين ثديي فوجدت بردها بين كتفي وقال " ليهنك العلم يا أبا المنذر " " حديث آخر " عن الأسقع البكري قال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أبو يزيد القراطيسي حدثنا يعقوب بن أبي عباد المكي حدثنا مسلم بن خالد عن ابن جريج أخبرني عمر بن عطاء أن مولى ابن الأسقع رجل صدق أخبره عن الأسقع البكري أنه سمعه يقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءهم في صفة المهاجرين فسأله إنسان: أي آية في القرآن أعظم؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم " حتى انقضت الآية.