قوله تعالى " قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " قال زيد بن أسلم قال أنت جبرائيل أنت ميكائيل أنت إسرافيل حتى عدد الأسماء كلها حتى بلغ الغراب. وقال مجاهد في قول الله " قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم " قال اسم الحمامة والغراب واسم كل شئ، وروى عن سعيد بن جبير والحسن وقتادة نحو ذلك فلما ظهر فضل آدم عليه السلام على الملائكة عليهم السلام في سرده ما علمه الله تعالى من أسماء الأشياء، قال الله تعالى للملائكة " ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون أي ألم أتقدم إليكم أني أعلم الغيب الظاهر والخفي كما قال تعالى " وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى " وكما قال إخبارا عن الهدهد أنه قال لسليمان " ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخب ء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون * الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم " وقيل في قوله تعالى " وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " غير ما ذكرناه فروى الضحاك عن ابن عباس " وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " قال أعلم السر كما أعلم العلانية يعني ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والاغترار. وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة قال قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء الآية فهذا الذي أبدوا " وما كنتم تكتمون " يعني ما أسر إبليس في نفسه من الكبر وكذلك قال سعيد بن جبير ومجاهد والسدي والضحاك والثوري. واختار ذلك ابن جرير وقال أبو العالية والربيع بن أنس والحسن وقتادة هو قولهم لم يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه: وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس " وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " فكان الذي أبدوا هو قولهم: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء.
وكان الذي كتموا بينهم قولهم لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم. فعرفوا أن الله فضل عليهم آدم في العلم والكرم قال ابن جرير حدثنا يونس حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قصة الملائكة وآدم: فقال الله للملائكة كما لم تعلموا هذه الأسماء فليس لكم علم إنما أردت أن أجعلهم ليفسدوا فيها، هذا عندي قد علمته فكذلك أخفيت عنكم أني أجعل فيها من يعصيني ومن يطيعني، قال وقد سبق من الله " لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " قال ولم تعلم الملائكة ذلك ولم يدروه قال فلما رأوا ما أعطى الله آدم من العلم أقروا له بالفضل.
وقال ابن جرير وأولى الأقوال في ذلك قول ابن عباس وهو أن معنى قوله تعالى: " وأعلم تبدون " وأعلم مع علمي غيب السماوات والأرض ما تظهرونه بألسنتكم. وما كنتم تخفون في أنفسكم فلا يخفى علي شئ سواء عندي سرائركم وعلانيتكم والذي أظهروه بألسنتهم قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها، والذي كانوا يكتمون ما كان منطويا عليه إبليس من الخلاف على الله في أوامره والتكبر عن طاعته. قال وصح ذلك وكما تقول العرب قتل الجيش وهزموا، وإنما قتل الواحد أو البعض وهزم الواحد أو البعض فيخرج الخبر عن المهزوم منه والمقتول مخرج الخبر عن جميعهم كما قال تعالى " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات " ذكر أن الذي نادى إنما كان واحدا من بني تميم، قال وكذلك قوله " وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ".
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين (34) وهذه كرامة عظيمة من الله تعالى لآدم امتن بها على ذريته حيث أخبر أنه تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم، وقد دل على ذلك أحاديث أيضا كثيرة منها حديث الشفاعة المتقدم وحديث موسى عليه السلام " رب أرني آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة فلما اجتمع به قال أنت آدم الذي خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته " قال وذكر الحديث كما سيأتي إن شاء الله. وقال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة وكان خازنا من خزان الجنة قال وخلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحي قال وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا ألهبت قال وخلق الانسان من طين