رأيت ثم قال: ادع لي عبد الله بن مسعدة الفزاري فدعوته وكان آدم شديد الأدمة. فقال: دونك هذه بيض بها ولدك قال: وكان عبد الله بن مسعدة هذا وهبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة فربته ثم أعتقته ثم كان بعد ذلك مع معاوية على علي رضي الله عنه.
حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما (23) * والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما (24) هذه الآية الكريمة هي آية تحريم المحارم من النسب وما يتبعه من الرضاع والمحارم بالصهر كما قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان بن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: حرمت عليكم سبع نسبا وسبع صهرا وقرأ " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم " الآية وحدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن عمير مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: يحرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ثم قرأ " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت " فهن النسب. وقد استدل جمهور العلماء على تحريم المخلوقة من ماء الزاني عليه بعموم قوله تعالى " وبناتكم " فإنها بنت فتدخل في العموم كما هو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل وقد حكى عن الشافعي شئ في إباحتها لأنها ليست بنتا شرعية فكما لم تدخل في قوله " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " فإنها لا ترث بالاجماع فكذلك لا تدخل في هذه الآية والله أعلم وقوله تعالى " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة " أي كما يحرم عليك أمك التي ولدتك كذلك يحرم عليك أمك التي أرضعتك ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث مالك بن أنس عن عبد الله ابن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة " وفي لفظ لمسلم " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " وقال بعض الفقهاء كل ما يحرم من النسب يحرم من الرضاعة إلا أربع صور وقال بعضهم: ست صور هي مذكورة في كتب الفروع والتحقيق أنه لا يستثنى شئ من ذلك لأنه يوجد مثل بعضها في النسب وبعضها إنما يحرم من جهة الصهر فلا يرد على الحديث شئ أصلا البتة ولله الحمد وبه الثقة. ثم اختلف الأئمة في عدد الرضعات المحرمة فذهب ذاهبون إلى أنه يحرم مجرد الرضاع لعموم هذه الآية وهذا قول مالك ويروى عن ابن عمر وإليه ذهب سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والزهري. وقال آخرون: لا يحرم أقل من ثلاث رضعات لما ثبت في صحيح مسلم من طريق هاشم بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تحرم المصة والمصتان " وقال قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم الفضل قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تحرم الرضعة والرضعتان والمصة والمصتان " وفي لفظ آخر " لا تحرم الاملاجة ولا الاملاجتان " رواه مسلم. وممن ذهب إلى هذا القول الإمام أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وأبو عبيد وأبو ثور وهو مروى عن علي وعائشة وأم الفضل وابن الزبير وسليمان بن يسار وسعيد بن جبير رحمهم