خارجا في سبيلي غازيا ابتغاء وجهي وتصديق وعدي وإيمانا برسلي فهو في ضمان على الله إما أن يتوفاه بالجيش فيدخله الجنة وإما أن يرجع في ضمان الله وإن طالب عبدا فنغصه حتى يرده إلى أهله مع ما نال من أجر أو غنيمة ونال من فضل الله فمات أو قتل أو رفصته فرسه أو بعيره أو لدغته هامة أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله فهو شهيد ". وروى أبو داود من حديث بقية من فضل الله إلى آخره وزاد بعد قوله فهو شهيد وإن له الجنة وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن زياد حدثنا أبو معاوية حدثنا محمد بن إسحاق عن حميد بن أبي حميد عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة ومن خرج غازيا في سبيل الله فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة " وهذا حديث غريب من هذا الوجه.
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا (101) يقول تعالى " وإذا ضربتم في الأرض " أي سافرتم في البلاد كما قال تعالى " علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله " الآية وقوله " فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " أي تخففوا فيها إما من كميتها بأن تجعل الرباعية ثنائية كما فهمه الجمهور من هذه الآية واستدلوا بها على قصر الصلاة في السفر على اختلافهم في ذلك فمن قائل لابد أن يكون سفر طاعة من جهاد أو حج أو عمرة أو طلب علم أو زيارة أو غير ذلك كما هو مروي عن ابن عمر وعطاء ويحيى عن مالك في رواية عنه نحوه لظاهر قوله " إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " ومن قائل لا يشترط سفر القربة بل لابد أن يكون مباحا لقوله " فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم " الآية كما أباح له تناول الميتة مع الاضطرار بشرط أن لا يكون عاصيا بسفره وهذا قول الشافعي وأحمد وغيرهما من الأئمة وقد قال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم قال: جاء رجل فقال يا رسول الله إني رجل تاجر أختلف إلى البحرين فأمره أن يصلي ركعتين فهذا مرسل. ومن قائل يكفي مطلق السفر سواء كان مباحا أو محظورا حتى لو خرج لقطع الطريق وإخافة السبيل ترخص لوجود مطلق السفر وهذا قول أبي حنيفة والثوري وداود لعموم الآية وخالفهم الجمهور وأما قوله تعالى " إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " فقد يكون هذا خرج مخرج الغالب حال نزول هذه الآية فإن في مبدأ الاسلام بعد الهجرة كان غالب أسفارهم مخوفة بل ما كانوا ينهضون إلا إلى غزو عام أو في سرية خاصة. وسائر الأحيان حرب للاسلام وأهله والمنطوق إذا خرج مخرج الغالب أو على حادثة فلا مفهوم له كقوله تعالى " ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا " وكقوله تعالى " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم " الآية. وقال الإمام أحمد حدثنا ابن إدريس حدثنا ابن جريج عن أبي عمار عن عبد الله بن رابية عن يعلى بن أمية قال: سألت عمر بن الخطاب قلت له قوله " ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " وقد أمن الناس فقال لي عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ".
وهكذا رواه مسلم وأهل السنن من حديث ابن جريج عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار به. وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح. وقال علي بن المديني هذا حديث حسن صحيح من حديث عمر ولا يحفظ إلا من هذا الوجه ورجاله معروفون. وقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو نعيم حدثنا مالك بن مغول عن أبي حنظلة الحذاء قال سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال: ركعتان فقلت أين قوله " إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " ونحن آمنون فقال: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن مردويه حدثنا عبد الله بن محمد بن عيسى حدثنا علي بن محمد بن سعيد حدثنا منجاب حدثنا شريك عن قيس بن وهب عن أبي الوداك قال: سألت ابن عمر عن ركعتين في السفر فقال: هي