وتمذهب للشافعي، وأخذ عن النواوي والشيخ تقي الدين الفزازي، وكان يكرمه ويحترمه فيما أخبرني شيخنا العلامة ابن الزملكاني، فأقام بها نحوا من اثنتي عشرة سنة، ثم تحول إلى الخطابة مجيدل القرية التي منها الوالدة، فأقاما بها مدة طويلة في خير وكفاية وتلاوة كثيرة، وكان يخطب جيدا، وله مقول عند الناس، ولكلامه وقع لديانته وفصاحته وحلاوته، وكان يؤثر الإقامة في البلاد لما يرى فيها من الرفق وجود الحلال له ولعياله، وقد ولد له عدة أولاد من الوالدة ومن أخرى قبلها، أكبرهم إسماعيل ثم يونس وإدريس، ثم من الوالدة عبد الوهاب وعبد العزيز ومحمد وأخوات عدة، ثم أنا أصغرهم، وسميت باسم الأخ إسماعيل لأنه كان قد قدم دمشق فاشتغل بها بعد أن حفظ القرآن على والده وقرأ مقدمة في النحو، وحفظ التنبيه وشرحه على العلامة تاج الدين الفزاري وحصل المنتخب في أصول الفقه، قاله لي شيخنا ابن الزملكاني، ثم إنه سقط من سطح الشامية البرانية فمكث أياما ومات، فوجد الوالد عليه وجدا كثيرا ورثاه بأبيات كثيرة، فلما ولدت له أنا بعد ذلك سماني باسمه، فأكبر أولاده إسماعيل وآخرهم وأصغرهم إسماعيل، فرحم الله من سلف وختم بخير لمن بقي).
شيوخه ذكرت لنا المصادر أسماء (16) شيخا من شيوخه وهم:
برهان الدين الفزاري (1) والكمال ابن قاضي شهبة (2) وقد تفقه عليهما، ثم صاهر الحافظ أبا الحجاج المزي، ولازمه وقرأ عليه " تهذيب الكمال " وأخذ عنه (3)، وسمع عليه أكثر تصانيفه، وسمع ابن السويدي (4)، والقاسم بن عساكر (5)، وسمع من ابن الشحنة (6)، وابن الزراد (7) وإسحاق الآمدي (8)، وابن الرضي (9) وأجاز له من مصر: الدبوسي (10) والواني (11) والختني (12) وغيرهم، وأخذ الكثير عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية ففتن بحبه وكانت له خصوصية به، ومناضلة عنه، واتباع له في كثير من آرائه، وكان يفتي برايه في مسالة الطلاق وامتحن بسببه (13). وقرأ الأصول على الأصفهاني (14) وسمع الحجار (15) والطبقة، واعتبر الداودي (945 ه) في " طبقات المفسرين " 1 / 112 الذهبي من جملة شيوخه فقال: (وذكره شيخه في " المعجم المختص ").
تلاميذه لم تذكر لنا المصادر سوى واحد من تلاميذه فقط هو شهاب الدين ابن حجي، قال ابن العماد (ت 1089 ه) في " شذرات الذهب " 6 / 231 - 232: (وتلامذته كثيرة، منهم ابن حجي وقال فيه - أي في شيخه ابن كثير - أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث وأعرفهم بجرحها ورجالها وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك، وما أعرف أني اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلا واستفدت منه) (16) لكننا نرجح أنه خلف