ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب (27) الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب (28) قوله تعالى (ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) اعلم أن الكفار قالوا: يا محمد إن كنت رسولا فأتنا بآية ومعجزة قاهرة مثل معجزات موسى وعيسى عليهما السلام فأجاب عن هذا السؤال بقوله (قل إن الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب) وبيان كيفية هذا الجواب من وجوه: أحدها: كأنه تعالى يقول: إن الله أنزل عليه آيات ظاهره ومعجزات قاهرة، وكلن الاضلال والهداية من الله، فأضلكم عن تلك الآيات القاهرة الباهرة: وهدى أقواما آخرين إليها، حتى عرفوا بها صدق صلى الله عليه وسلم في دعوى النبوة، وإذا كان كذلك فلا فائدة في تكثير الآيات والمعجزات، وثانيها: أنه كلام يجري مجرى التعجب من قولهم وذلك لان الآيات الباهرة المتكاثرة التي ظهرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت أكثر من أن تصير مشتبهة على العاقل، فلما طلبوا بعدها آيات أخرى كان موضعا للتعجب والاستنكار، فكأنه قيل لهم: ما أعظم عنادكم (إن الله يضل من يشاء) من كان على صفتكم من التصميم وشدة الشكيمة على الكفر فلا سبيل إلى اهتدائكم وإن أنزلت كل آية (ويهدى) من كان على خلاف صفتكم. وثالثها: أنهم لما طلبوا سائر الآيات والمعجزات فكأنه قيل لهم لا فائدة في ظهور الآيات والمعجزات، فان الاضلال والهداية من الله فلو حصلت الآيات الكثيرة ولم تحصل الهداية فإنه لم يحصل الانتفاع بها. ولو حصلت آية واحدة فقط وحصلت الهداية من الله فإنه يحصل الانتفاع بها فلا تشتغلوا بطلب الآيات ولكن تضر عوا إلى الله في طلب الهدايات. ورابعها: قال أبو على الجبائي: المعنى إن الله يضل من يشاء عن رحمته وثوابه عقوبة له على كفره فلستم ممن يجيبه الله تعالى إلى ما يسأل لاستحقاقكم العذاب والاضلال عن الثواب (ويهدى إليه من أناب) أي يهدى إلى جنته من تاب وأمن قال وهذا بين أن الهدي هو الثواب من حيث أنه عقبه بقوله (من أناب) أي تاب
(٤٨)