أو شاعر، فأنزل الله تعالى بهم خزيا فماتوا شر ميتة، والمعنى: أنذرتكم مثل ما نزل بالمقتسمين.
والقول الثاني: وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما في بعض الروايات أن المقتسمين هم اليهود والنصارى، واختلفوا في أن الله تعالى لم سماهم مقتسمين؟ فقيل لأنهم جعلوا القرآن عضين آمنوا بما وافق التوراة وكفروا بالباقي. وقال عكرمة: لأنهم اقتسموا القرآن استهزاء به، فقال بعضهم: سورة كذا لي. وقال بعضهم: سورة كذا لي. وقال مقاتل بن حبان: اقتسموا القرآن فقال بعضهم سحر. وقال بعضهم شعر، وقال بعضهم كذب، وقال بعضهم: أساطير الأولين.
والقول الثالث: في تفسير المقتسمين. قال ابن زيد: هم قوم صالح تقاسموا لنبيتنه وأهله، فرمتهم الملائكة بالحجارة حتى قتلوهم، فعلى هذا والاقتسام من القسم لا من القسمة، وهو اختيار ابن قتيبة.
البحث الثالث: أن قوله: * (كما أنزلنا على المقتسمين) * يقتضي تشبيه شيء بذلك فما ذلك الشيء؟
والجواب عنه من وجهين:
الوجه الأول: التقدير: ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم كما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون الذين جعلوا القرآن عضين، حيث قالوا بعنادهم وجهلهم بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل، وبعضه باطل مخالف لهما فاقتسموه إلى حق وباطل.
فإن قيل: فعلى هذا القول كيف توسط بين المشبه والمشبه به قوله: * (ولا تمدن عينيك) * (الحجر: 88) إلى آخره؟
قلنا: لما كان ذلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن تكذيبهم وعداوتهم، اعترض بما هو مدار لمعنى التسلية من النهي عن الالتفات إلى دنياهم والتأسف على كفرهم.
والوجه الثاني: أن يتعلق هذا الكلام بقوله: * (وقل إني أنا النذير المبين) *.
واعلم أن هذا الوجه لا يتم إلا بأحد أمرين: إما التزام إضمار أو التزام حذف، أما الإضمار فهو أن يكون التقدير إني أنا النذير المبين عذابا كما أنزلناه على المقتسمين، وعلى هذا الوجه، المفعول محذوف وهو المشبه، ودل عليه المشبه به، وهذا كما تقول: رأيت كالقمر في الحسن، أي رأيت إنسانا كالقمر في الحسن، وأما الحذف فهو أن يقال: الكاف زائدة محذوفة، والتقدير: إني أنا النذير المبين ما أنزلناه على المقتسمين، وزيادة الكاف له نظير وهو قوله تعالى: * (ليس كمثله شيء) * (الشورى: 11) والتقدير: ليس مثله شيء، وقال بعضهم: لا حاجة إلى الإضمار والحذف، والتقدير: إني أنا النذير أي أنذر قريشا مثل ما أنزلنا من العذاب على المقتسمين وقوله: * (الذين جعلوا القرآن عضين) * فيه بحثان: