إلى النور بتكرير العامل كقوله: * (للذين استضعفوا لمن آمن منهم) *. (الأعراف: 75) الثاني: يجوز أن يكون على وجه الاستئناف كأنه قيل: إلى أي نور فقيل: * (إلى صراط العزيز الحميد) *.
المسألة التاسعة: قالت المعتزلة: الفاعل إنما يكون آتيا بالصواب والصلاح، تاركا للقبيح والعبث إذا كان قادرا على كل المقدورات عالما بجميع المعلومات غنيا عن كل الحاجات، فإنه إن لم يكن قادرا على الكل فربما فعل القبيح بسبب العجز، وإن لم يكن عالما بكل المعلومات فربما فعل القبيح بسبب الجهل، وإن لم يكن غنيا عن كل الحاجات فربما فعل القبيح بسبب الحاجة، أما إذا كان قادرا على الكل عالما الكل غنيا عن الكل امتنع منه الإقدام على فعل القبيح، فقوله: * (العزيز) * إشارة إلى كمال القدرة، وقوله: * (الحميد) * إشارة إلى كونه مستحقا للحمد في كل أفعاله، وذلك إنما يحصل إذا كان عالما بالكل غنيا عن الكل فثبت بما ذكرنا أن صراط الله إنما كان موصوفا بكونه شريفا رفيعا عاليا لكونه صراطا مستقيما للإله الموصوف بكونه عزيزا حميدا، فلهذا المعنى: وصف الله نفسه بهذين الوصفين في هذا المقام.
المسألة العاشرة: إنما قدم ذكر العزيز على ذكر الحميد، لأن الصحيح أن أول العلم بالله العلم بكونه تعالى قادرا، ثم بعد ذلك العلم بكونه عالما، ثم بعد ذلك العلم بكونه غنيا عن الحاجات، والعزيز هو القادر والحميد هو العالم الغني، فلما كان العلم بكونه تعالى قادرا متقدما على العلم بكونه عالما بالكل غنيا عن الكل لا جرم قدم الله ذكر العزيز على ذكر الحميد والله أعلم.
* (الله الذى له ما فى السماوات وما فى الارض وويل للكافرين من عذاب شديد * الذين يستحبون الحيوة الدنيا على الاخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك فى ضلال بعيد) * في الآية مسائل:
المسألة الأولى: قرأ نافع وابن عامر * (الله) * مرفوعا بالابتداء وخبره ما بعده، وقيل التقدير هو الله والباقون بالجر عطفا على قوله: * (العزيز الحميد) * وههنا بحث، وهو أن جماعة من المحققين ذهبوا إلى أن قولنا: الله جار مجرى الاسم العلم لذات الله تعالى وذهب قوم آخرون إلى أن لفظ مشتق