ما ذكروه بقولهم: * (وأتيناك بالحق) * قال الكلبي: بالعذاب، وقيل باليقين والأمر الثابت الذي لا شك فيه وهو عذاب أولئك الأقوام ثم أكدوا هذا التأكيد بقولهم؛ * (وإنا لصادقون) *.
قوله تعالى * (فأسر بأهلك بقطع من اليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون * وقضينآ إليه ذلك الامر أن دابر هؤلآء مقطوع مصبحين) * قرىء * (فأسر) * بقطع الهمزة ووصلها من أسرى وسرى. وروى صاحب الكشاف عن صاحب الإقليد فسر * (من) * السير والقطع آخر الليل. قال الشاعر: افتحي الباب وانظري في النجوم * كم علينا من قطع ليل بهيم وقوله: * (واتبع أدبارهم) * معناه: اتبع آثار بناتك وأهلك. وقوله: * (ولا يلتفت منكم أحد) * الفائدة فيه أشياء: أحدها: لئلا يتخلف منكم أحد فينا له العذاب. وثانيها: لئلا يرى عظيم ما ينزل بهم من البلاء. وثالثها: معناه الإسراع وترك الاهتمام لما خلف وراءه كما تقول: امض لشأنك ولا تعرج على شيء. ورابعها: لو بقي منه متاع في ذلك الموضع، فلا يرجعن بسببه البتة. وقوله: * (وامضوا حيث تؤمرون) * قال ابن عباس: يعني الشام. قال المفضل: حيث يقول لكم جبريل. وذلك لأن جبريل عليه السلام أمرهم أن يمضوا إلى قرية معينة أهلها ما عملوا مثل عمل قوم لوط. وقوله: * (وقضينا إليه) * عدى قضينا بإلى، لأنه ضمن معنى أوحينا، كأنه قيل: وأوحيناه إليه مقضيا مبتوتا، ونظيره قوله تعالى: * (وقضينا إلى بني إسرائيل) * (الإسراء: 4) وقوله؛ * (ثم اقضوا إلي) * (يونس: 71) ثم إنه فسر بعد ذلك القضاء المبتوت بقوله: * (أن دابر هؤلاء مقطوع) * وفي إبهامه أولا، وتفسيره ثانيا تفخيم للأمر وتعظيم له. وقرأ الأعمش * (إن) * بالكسر على الاستئناف كان قائلا قال أخبرنا عن ذلك الأمر، فقال: إن دابر هؤلاء، وفي قراءة ابن مسعود. وقلنا: * (إن دابر هؤلاء) * ودابرهم آخرهم، يعني يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد وقوله: * (مصبحين) * أي حال ظهور الصبح.