يبطل قول نفاة التكليف، ويبطل القول بالجبر المحض. وخامسها: قوله: * (ولا أشرك به) * وهذا يدل على نفي الشركاء والأنداد والأضداد بالكلية، ويدخل فيه إبطال قول كل من أثبت معبودا سوى الله تعالى سواء قال: إن ذلك المعبود هو الشمس أو القمر أو الكواكب أو الأصنام والأوثان والأرواح العلوية أو يزدان وأهرمن على ما يقوله المجوس أو النور والظلمة على ما يقوله الثنوية. وسادسها: قوله: * (إليه أدعوا) * والمراد منه أنه كما وجب عليه الإتيان بهذه العبادات فكذلك يجب عليه الدعوة إلى عبودية الله تعالى وهو إشارة إلى نبوته. وسابعها: قوله: * (وإليه مآب) * وهو إشارة إلى الحشر والنشر والبعث والقيامة فإذا تأمل الإنسان في هذه الألفاظ القليلة ووقف عليها عرف أنها محتوية على جميع المطالب المعتبرة في الدين.
* (وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن تبعت أهواءهم بعد ما جآءك من العلم ما لك من الله من ولى ولا واق) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه تعالى شبه إنزاله حكما عربيا بما أنزل إلى ما تقدم من الأنبياء، أي كما أنزلنا الكتب على الأنبياء بلسانهم، كذلك أنزلنا عليك القرآن. والكناية في قوله: * (أنزلناه) * تعود إلى " ما " في قوله: * (يفرحون بما أنزل إليك) * يعني القرآن.
المسألة الثانية: قوله: * (أنزلناه حكما عربيا) * فيه وجوه: الأول: حكمة عربية مترجمة بلسان العرب. الثاني: القرآن مشتمل على جميع أقسام التكاليف، فالحكم لا يمكن إلا بالقرآن، فلما كان القرآن سببا للحكم جعل نفس الحكم على سبيل المبالغة. الثالث: أنه تعالى حكم على جميع المكلفين بقبول القرآن والعمل به فلما حكم على الخلق بوجوب قبوله جعله حكما.
واعلم أن قوله: * (حكما عربيا) * نصب على الحال، والمعنى: أنزلناه حال كونه حكما عربيا.
المسألة الثالثة: قالت المعتزلة: الآية دالة على حدوث القرآن من وجوه: الأول: أنه تعالى وصفه بكونه منزلا وذلك لا يليق إلا بالمحدث. الثاني: أنه وصفه بكونه عربيا والعربي هو الذي حصل بوضع العرب واصطلاحهم وما كان كذلك كان محدثا. الثالث: أن الآية دالة على أنه إنما