في كلامهم كقولهم: * (ما دامت السماوات والأرض) * (هود: 107) في التأبيد. والثاني: أنك مذموم مدعو عليك باللعنة في السماوات والأرض إلى يوم الدين من غير أن يعذب فإذا جاء ذلك اليوم عذب عذابا ينسى اللعن معه فيصير اللعن حينئذ كالزائل بسبب أن شدة العذاب تذهل عنه.
قوله تعالى * (قال رب فأنظرنى إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم * قال رب بمآ أغويتنى لأزينن لهم فى الارض ولأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين * قال هذا صراط على مستقيم) * في الآية مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (فأنظرني) * متعلق بما تقدم والتقدير: إذا جعلتني رجيما ملعونا إلى يوم الدين فأنظرني فطلب الإبقاء من الله تعالى عند اليأس من الآخرة إلى وقت قيام القيامة. لأن قوله: * (إلى يوم يبعثون) * المراد منه يوم البعث والنشور وهو يوم القايمة، وقوله: * (فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) * اعلم أن إبليس استنظر إلى يوم البعث والقيامة، وغرضه منه أن لا يموت لأنه إذا كان لا يموت قبل يوم القيامة، وظاهره أن بعد قيام القيامة لا يموت أحد فحينئذ يلزم منه أن لا يموت البتة. ثم إنه تعالى منعه عن هذا المطلوب وقال: * (إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) * واختلفوا في المراد منه على وجوه: أحدها: أن المراد من يوم الوقت المعلوم وقت النفخة الأولى حين يموت كل الخلائق، وإنما سمي هذا الوقت بالوقت المعلوم لأن من المعلوم أن يموت كل الخلائق فيه. وقيل: إنما سماه الله تعالى بهذا الاسم، لأن العالم بذلك الوقت هو الله تعالى لا غير كما قال تعالى: * (إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو) * (الأعراف: 187) وقال: * (إن الله عنده علم الساعة) * (لقمان: 34). وثانيها: أن المراد من يوم الوقت المعلوم هو الذي ذكره إبليس وهو قوله: * (إلى يوم يبعثون) * وإنما سماه تعالى بيوم الوقت المعلوم؟ لأن إبليس لما عينه وأشار إليه بعينه صار ذلك كالمعلوم.