في وقت حصولها فقيل: إنها عند المحاسبة بدليل أنه تعالى إنما ذكر هذه الصفات عقيب وصف ذلك اليوم بأنه يوم يقوم الحساب، وقيل: إنها تحصل عند ما يتميز فريق عن فريق، والسعداء يذهبون إلى الجنة، والأشقياء إلى النار. وقيل: بل يحصل عند إجابة الداعي والقيام من القبور، والأول أولى للدليل الذي ذكرناه، والله أعلم.
قوله تعالى * (وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنآ أخرنآ إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال * وسكنتم فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال) * اعلم أن قوله: * (يوم يأتيهم العذاب) * فيه أبحاث:
البحث الأول: قال صاحب " الكشاف ": * (يوم يأتيهم العذاب) * مفعول ثان لقوله: * (وأنذر) * وهو يوم القيامة.
البحث الثاني: الألف واللام في لفظ * (العذاب) * للمعهود السابق، يعني: وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب الذي تقدم ذكره وهو شخوص أبصارهم، وكونهم مهطعين مقنعي رؤوسهم.
البحث الثالث: الإنذار هو التخويف بذكر المضار، والمفسرون مجمعون على أن قوله: * (يوم يأتيهم العذاب) * هو يوم القيامة، وحمله أبو مسلم على أنه حال المعاينة، والظاهر يشهد بخلافه، لأنه تعالى وصف اليوم بأن عذابهم يأتي فيه وأنهم يسألون الرجعة، ويقال لهم: * (أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال) * ولا يليق ذلك إلا بيوم القيامة. وحجة أبي مسلم: أن هذه الآية شبيهة بقوله تعالى: * (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق) * (المنافقون: 10) ثم حكى الله سبحانه ما يقول الكفار في ذلك اليوم، فقال: * (فيقول الذين ظلموا ربنا