صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج لم يزد على قوله: * (سبحان الذي أسرى بعبده) * (الإسراء: 1). وثانيها: أنه لما ذكر الرحمة والمغفرة بالغ في التأكيد بألفاظ ثلاثة: أولها: قوله: * (أنى) *. وثانيها: قوله: * (أنا) *. وثالثها: ادخال حرف الألف واللام على قوله: * (الغفور الرحيم) * ولما ذكر العذاب لم يقل أني أنا المعذب وما وصف نفسه بذلك بل قال: * (وأن عذابي هو العذاب الأليم) *. وثالثها: أنه أمر رسوله أن يبلغ إليهم هذا المعنى فكأنه أشهد رسوله على نفسه في التزام المغفرة والرحمة. ورابعها: أنه لما قال: * (نبىء عبادي) * كان معناه نبىء كل من كان معترفا بعبوديتي، وهذا كما يدخل فيه المؤمن المطيع، فكذلك يدخل فيه المؤمن العاصي، وكل ذلك يدل على تغليب جانب الرحمة من الله تعالى. وعن قتادة قال: بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لو يعلم العبد قدر عفو الله تعالى ما تورع من حرام، ولو علم قدر عقابه لبخع نفسه " أي قتلها وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر بنفر من أصحابه، وهم يضحكون فقال: " أتضحكون والنار بين أيديكم " فنزل قوله: * (نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم) * والله أعلم.
قوله تعالى * (ونبئهم عن ضيف إبراهيم * إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون * قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم * قال أبشرتمونى على أن مسنى الكبر فبم تبشرون * قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين * قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضآلون) * في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه تعالى لما بالغ في تقرير أمر النبوة ثم أردفه بذكر دلائل التوحيد، ثم ذكر عقيبه أحوال القيامة وصفة الأشقياء والسعداء، أتبعه بذكر قصص الأنبياء عليهم السلام ليكون سماعها مرغبا في الطاعة الموجبة للفوز بدرجات الأنبياء، ومحذرا عن المعصية لاستحقاق دركات الأشقياء، فبدأ أولا بقصة إبراهيم عليه السلام، والضمير في قوله: * (ونبئهم) * راجع إلى قوله: * (عبادي) * والتقدير: ونبىء عبادي عن ضيف إبراهيم، يقال: أنبأت القوم إنباء ونبأتهم تنبئة إذا