كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمهم لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربى لا اله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب (30) (والقول الثالث) أن هذه اللفظة ليست عربية، ثم اختلفوا فقال بعضهم: طوبى اسم الجنة بالحبشية، وقيل اسم الجنة بالهندية. وقيل البستان بالهندية، وهذا القول ضعيف، لأنه ليس في القرآن إلا العربي لا سيما واشتقاق هذا اللفظ من اللغة العربية ظاهر، (المسألة الثانية) قال صاحب الكشاف: (الذين آمنوا) مبتدأ و (طوبى لهم) خبره، ومعنى طوبى لك أي أصبت طيبا، ومحلها النصب أو الرفع. كقولك طيبا لك وطيب لك وسلاما لك وسلام لك، والقراءة في قوله (وحسن مآب) بالرفع والنصب تدلك على محلها، وقرأ مكوزة الأعرابي (طيبي لهم) أما قوله (وحسن مآب) فالمراد حسن المرجع والمقر. وكل ذلك وعد من الله بأعظم النعيم ترغيبا في طاعته وتحذيرا عن المعصية.
قوله تعالى (كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربى لا إله إلا هو عليه توكلت واليه متاب) اعلم أن الكاف في (كذلك) للتشبه فقيل وجه التشبيه أرسلناك كما أرسلنا الأنبياء قبلك في أمة قد خلت من قبلها أمم، وهو قوله ابن عباس والحسن وقتادة، وقيل كما أرسلنا إلى أمم وأعطيناهم كتبا تتلى عليهم، كذلك أعطيناك هذا الكتاب وأنت تتلوه عليهم فلماذا اقترحوا غيره، وقال صاحب الكشاف (كذلك أرسلناك) أي مثل ذلك الارسال (أرسلناك) يعنى أرسلناك إرسالا له شأن وفضل على سائر الارسالات. ثم فسر كيف أرسله فقال (في أمة قد خلت من قبلها أمم) أي أرسلناك في أم قد تقدمتها أمم فهي آخر الأمم وأنت آخر الأنبياء.
أما قوله (لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك) فالمراد: لتقرأ عليهم الكتاب العظيم الذي أوحينا إليك (وهم يكفرون بالرحمن) أي وحال هؤلاء أنهم يكفرون بالرحمن الذي رحمته وسعت كل شئ وما بهم من نعمة فمنه. وكفروا بنعمته في إرسال مثلك إليهم وإنزال هذا القرآن المعجز عليهم