ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الامر جميعا أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد (31) (قل هو ربى) الواحد المتعالى عن الشركاء (لا إله إلا هو عليه توكلت) في نصرتي عليكم (واليه متاب) فيعينني على مصابرتكم ومجاهدتكم قيل: نزل قوله (وهم يكفرون بالرحمن) في عبد الله بن أمية المخزومي.
وكان يقول أما الله فنعرفه، وأما الرحمن فلا نعرفه، إلا صاحب اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب فقال تعالى (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) وكقوله وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن) وقيل إنه عليه السلام حين صالح قريشا من الحديبية كتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله فقال المشركون: إن كنت رسول الله وقد قاتلناك فقد ظلمنا، ولكن اكتب، هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله، فكتب كذلك، ولما كتب في الكتاب (بسم الله الرحمن الرحيم) قالوا أما الرحمن فلا نعرفه، وكانوا يكتبون باسمك اللهم، فقال عليه السلام اكتبوا كما تريدون واعلم أن قوله (وهم يكفرون بالرحمن) إذا حملناه على هاتين الروايتين كان معناه أنهم كفروا باطلاق هذا الاسم على الله تعالى. لا أنهم كفروا بالله تعالى. وقال آخرون: بل كفروا بالله إما جحدا له وإما لاثباتهم الشركاء معه. قال القاضي: وهذا القول أليق بالظاهر، لان قوله تعالى (وهم يكفرون بالرحمن) يقتضى أنهم كفروا بالله، وهو المفهوم من الرحمن، وليس المفهوم منه الاسم كما لو قال قائل:
كفروا بمحمد وكذبوا به لكان المفهوم هو، دون اسمه.
قوله تعالى (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الامر جميعا أفلم يبأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد) اعلم أنه روى أن أهل مكة قعدوا في فناء مكة، فأتاهم الرسول صلى الله عليه وسلم وعرض الاسلام عليهم، فقال له عبد الله بن أمية المخزومي: سير لنا جبال مكة حتى ينفسح المكان علينا واجعل لنا