عليكم) * (الرعد: 23) والرب الرحيم يحييهم أيضا بهذه الكلمة كما قال: * (سلام قولا من رب رحيم) * (يس: 58).
واعلم أن السلام مشتق من السلامة وإلا ظهر أن المراد أنهم سلموا من آفات الدنيا وحسراتها أو فنون آلامها وأسقامها، وأنواع غمومها وهمومها، وما أصدق ما قالوا، فإن السلامة من محن عالم الأجسام الكائنة الفاسدة من أعظم النعم، لا سيما إذا حصل بعد الخلاص منها الفوز بالبهجة الروحانية والسعادة الملكية.
المسألة الثانية: قرأ الحسن: * (وأدخل الذين آمنوا) * على معنى وأدخلهم أنا، وعلى هذه القراءة فقوله: * (بإذن ربهم) * متعلق بما بعده، أي تحيتهم فيها سلام بإذن ربهم. يعني: أن الملائكة يحيونهم بإذن ربهم.
* (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السمآء * تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون * ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار) * اعلم أنه تعالى لما شرح أحوال الأشقياء وأحوال السعداء، ذكر مثالا يبين الحال في حكم هذين القسمين، وهو هذا المثل. وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه تعالى ذكر شجرة موصوفة بصفات أربعة ثم شبه الكلمة الطيبة بها.
فالصفة الأولى: لتلك الشجرة كونها طيبة، وذلك يحتمل أمورا. أحدها: كونها طيبة المنظر والصورة والشكل. وثانيها: كونها طيبة الرائحة. وثالثها: كونها طيبة الثمرة يعني أن الفواكه المتولدة منها تكون لذيذة مستطابة. ورابعها: كونها طيبة بحسب المنفعة يعني أنها كما يستلذ بأكلها فكذلك يعظم الانتفاع بها، ويجب حمل قوله: شجرة طيبة، على مجموع هذه الوجوه لأن اجتماعها يحصل كمال الطيب.