سقيا لكم وربما قالوا في أسقى سقى كقول لبيد يصف سحابا: أقول وصوبه مني بعيد * يحط السيب من قلل الجبال سقى قومي بني نجد وأسقى * نميرا والقبائل من هلال فقوله: سقى قومي ليس يريد به ما يروي عطاشهم ولكن يريد رزقهم سقيا لبلادهم يخصبون بها، وبعيد أن يسأل لقومه ما يروى العطاش وليغرهم ما يخصبون به. وأما سقيا السقية فلا يقال فيها أسقاه، وأما قول ذي الرمة: وأسقيه حتى كاد مما أبنه * تكلمني أحجاره وملاعبه فمعنى أسقيه أدعو له بالسقاء، وأقول سقاه الله وقوله: * (وما أنتم له بخازنين) * يعني به ذلك الماء المنزل من السماء يعني لستم له بحافظين.
* (وإنا لنحن نحى ونميت ونحن الوارثون * ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستاخرين * وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم) * اعلم أن هذا هو النوع السادس من دلائل التوحيد وهو الاستدلال بحصول الإحياء والإماتة لهذه الحيوانات على وجود الإله القادر المختار.
أما قوله: * (وإنا لنحن نحيي ونميت) * ففيه قولان: منهم من حمله على القدر المشترك بين إحياء النبات والحيوان ومنهم من يقول: وصف النبات بالإحياء مجاز فوجب تخصيصه بإحياء الحيوان ولما ثبت بالدلائل العقلية أنه لا قدرة على خلق الحياة إلا للحق سبحانه كان حصول الحياة للحيوان دليلا قاطعا على وجود الإله الفاعل المختار، وقوله: * (وإنا لنحن نحيي ونميت) * يفيد الحصر أي لا قدرة على الإحياء ولا على الإماتة إلا لنا، وقوله: * (ونحن الوارثون) * معناه: أنه إذا مات جميع الخلائق، فحينئذ يزول ملك كل أحد عند موته، ويكون الله هو الباقي الحق المالك لكل المملوكات وحده فكان هذا شبيها بالإرث فكان وارثا من هذا الوجه.
وأما قوله: * (ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين) * ففيه وجوه: الأول: قال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عطاء: المستقدمين يريد أهل طاعة الله تعالى والمستأخرين يريد