نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب * هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب) * اعلم أن الله تعالى لما قال: * (عزيز ذو انتقام) * بين وقت انتقامه فقال: * (يوم تبدل الأرض غير الأرض) * وعظم من حال ذلك اليوم، لأنه لا أمر أعظم من العقول والنفوس من تغيير السماوات والأرض وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: ذكر الزجاج في نصب يوم وجهين، إما على الظرف لانتقام أو على البدل من قوله: * (يوم يأتيهم العذاب) *.
المسألة الثانية: اعلم أن التبديل يحتمل وجهين: أحدهما: أن تكون الذات باقية وتتبدل صفتها بصفة أخرى. والثاني: أن تفنى الذات الأولى وتحدث ذات أخرى، والدليل على أن ذكر لفظ التبدل لإرادة التغير في الصفة جائز، أنه يقال بدلت الحلقة خاتما إذا أذبتها وسويتها خاتما فنقلتها من شكل إلى شكل، ومنه قوله تعالى: * (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) * (الفرقان: 70) ويقال: بدلت قميصي جبة أي نقلت العين من صفة إلى صفة أخرى، ويقال: تبدل زيد إذا تغيرت أحواله، وأما ذكر لفظ التبديل عند وقوع التبدل في الذوات فكقولك بدلت الدراهم دنانير، ومنه قوله: * (بدلناهم جلودا غيرها) * (النساء: 56) وقوله: * (بدلناهم بجنتيهم جنتين) * (سبأ: 16) إذا عرفت أن اللفظ محتمل لكل واحد من هذين المفهومين ففي الآية قولان:
القول الأول: أن المراد تبديل الصفة لا تبديل الذات. قال ابن عباس رضي الله عنهما: هي تلك الأرض إلا أنها تغيرت في صفاتها، فتسير عن الأرض جبالها وتفجر بحارها وتسوى، فلا يرى فيها عوج ولا أمت. وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يبدل الله الأرض غير الأرض فيبسطها ويمدها مد الأديم العاكظي فلا ترى فيها عوجا ولا أمتا " وقوله: * (والسماوات) * أي تبدل السماوات غير السماوات، وهو كقوله عليه السلام: " لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده " والمعنى: ولا ذو عهد في عهده بكافر، وتبديل السماوات بانتثار كواكبها وانفطارها، وتكوير شمسها، وخسوف قمرها، وكونها أبوابا، وأنها تارة تكون كالمهل وتارة تكون كالدهان.