رب وردت مضمومة ومفتوحة، أما إذا كانت مضمومة فالباء قد وردت مشددة ومخففة وساكنة وعلى كل التقديرات تارة مع حرف ما، وتارة بدونها وأيضا تارة مع التاء وتارة بدونها وأنشدوا: أسمى ما يدريك أن رب فتية * باكرت لذتهم بأذكر مسرع ورب بتسكين الباء وأنشدوا بيت الهذلي: أزهير أن يشب القذال فإنني * رب هيضل مرس كففت بهيضل والهيضل جماعة متسلحة، وأيضا هذه الكلمة قد تجيء حالتي تشديد الباء وتخفيفها مع حرف " ما " كقولك: ربما وربما وتارة مع التاء، وحرف " ما " كقولك: ربتما وربتما هذا كله إذا كانت الراء من رب مضمونة وقد تكون مفتوحة، فيقال: رب وربما وربتما حكاه قطرب قال أبو علي: من الحروف ما دخل عليه حرف التأنيث، نحو: ثم وثمت، ورب وربت، ولا ولات، فهذه اللغات بأسرها رواها الواحدي في " البسيط ".
المسألة الثانية: رب حرف جر عند سيبويه، ويلحقها " ما " على وجهين: أحدهما: أن تكون نكرة بمعنى شيء، وذلك كقوله: رب ما تكره النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال فما في هذا البيت اسم والدليل عليه عود الضمير إليه من الصفة، فإن المعنى رب شيء تكرهه النفوس وإذا عاد الضمير إليه كان اسما ولم يكن حرفا، كما أن قوله تعالى: * (أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين) * (المؤمنون: 55) لما عاد الضمير إليه علمنا بذلك أنه اسم، ومما يدل على أن " ماء " قد يكون اسما إذا وقعت بعد رب وقوع من بعدها في قول الشاعر: يا رب من ينقص أزوادنا * رحن على نقصانه واغتدين فكما دخلت رب على كلمة " من " وكانت نكرة، فكذلك تدخل على كلمة (ما) فهذا ضرب والضرب الآخر أن تدخل ما كافة كما في هذه الآية والنحويون يسمون ما هذه الكافة يريدون أنها بدخلوها كفت الحرف عن العمل الذي كان له، وإذا حصل هذا الكف فحينئذ تتهيأ للدخول على ما لم تكن تدخل عليه، ألا ترى أن رب إنما تدخل على الاسم المفرد نحو رب رجل يقول ذاك ولا تدخل على الفعل، فلما دخلت " ما " عليها هيأتها للدخول على الفعل كهذه الآية، والله أعلم.
المسألة الثالثة: اتفقوا على أن رب موضوعة للتقليل، وهي في التقليل نظيرة كم في التكثير، فإذا قال الرجل: ربما زارنا فلان، دل ربما على تقليله الزيارة. قال الزجاج: ومن قال إن رب يعني بها الكثرة، فهو ضد ما يعرفه أهل اللغة، وعلى هذا التقدير: فههنا سؤال، وهو أن تمني