رسولا بسائر المعجزات، ثم بعد العلم بنبوته نقطع بأن الله تعالى أعجز الشياطين عن تلقف الغيب بهذا الطريق، وعند ذلك يصير الإخبار عن الغيوب معجز، وبهذا الطريق يندفع الدور. والله أعلم.
قوله تعالى * (والارض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شىء موزون * وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين) * علم أنه تعالى لما شرح الدلائل السماوية في تقرير التوحيد أتبعها بذكر الدلائل الأرضية، وهي أنواع:
النوع الأول: قوله تعالى: * (والأرض مددناها) * قال ابن عباس بسطناها على وجه الماء، وفيه احتمال آخر، وذلك لأن الأرض جسم، والجسم هو الذي يكون ممتدا في الجهات الثلاثة، وهي الطول والعرض والثخن، وإذا كان كذلك، فتمدد جسم الأرض في هذه الجهات الثلاثة مختص بمقدار معين لما ثبت أن كل جسم فإنه يجب أن يكون متناهيا وإذا كان كذلك كان تمدد جسم الأرض مختصا بمقدار معين مع أن الازدياد عليه معقول، والانتقاص عنه أيضا معقول، وإذا كان كذلك كان اختصاص ذلك التمدد بذلك القدر المقدر مع جواز حصول الأزيد والأنقص اختصاصا بأمر جائز وذلك يجب أن يكون بتخصيص مخصص وتقدير مقدر، وهو الله سبحانه وتعالى.
فإن قيل: هل يدل قوله: * (والأرض مددناها) * على أنها بسيطة؟
قلنا: نعم لأن الأرض بتقدير كونها كرة، فهي كرة في غاية العظمة، والكرة العظيمة يكون كل قطعة صغيرة منها، إذا نظر إليها فإنها ترى كالسطح المستوي، وإذا كان كذلك زال ما ذكروه من الإشكال، والدليل عليه قوله تعالى: * (والجبال أوتادا) * (النبأ: 7) سماها أوتادا مع أنه قد يحصل عليها سطوح عظيمة مستوية، فكذا ههنا.
النوع الثاني: من الدلائل المذكورة في هذه الآية قوله تعالى: * (وألقينا فيها رواسي) * وهي الجبال الثوابت، واحدها رأسي، والجمع راسية، وجمع الجمع رواسي، وهو كقوله تعالى: * (وألقى