البحث الأول: في هذا اللفظ قولان: الأول: أنه صفة للمقتسمين. والثاني: أنه مبتدأ، وخبره هو قوله: * (لنسألنهم) * وهو قول ابن زيد.
البحث الثاني: ذكر أهل اللغة في واحد عضين قولين:
القول الأول: أن واحدها عضة مثل عزة وبرة وثبة، وأصلها عضوة من عضيت الشيء إذا فرقته، وكل قطعة عضة، وهي مما نقص منها واو هي لام الفعل، والتعضية التجزئة والتفريق، يقال: عضيت الجزور والشاة تعضية إذا جعلتها أعضاء وقسمتها، وفي الحديث: " لا تعضية في ميراث إلا فيما احتمل القسمة " أي لا تجزئه فيما لا يحتمل القسمة كالجوهرة والسيف. فقوله: * (جعلوا القرآن عضين) * يريد جزؤه أجزاء، فقالوا: سحر وشعر وأساطير الأولين ومفترى.
والقول الثاني؛ أن واحدها عضة وأصلها عضهة، فاستثقلوا الجمع بين هاءين، فقالوا: عضة كما قالوا شفة، والأصل شفهة بدليل قولهم: شافهت مشافهة، وسنة وأصلها سنهة في بعض الأقوال، وهو مأخوذ من العضة بمعنى الكذب، ومنه الحديث: " إياكم والعضة " وقال ابن السكيت: العضة بأن يعضه الإنسان ويقول فيه ما ليس فيه. وهذا قول الخليل فيما روى الليث عنه، فعلى هذا القول معنى قوله تعالى: * (جعلوا القرآن عضين) * أي جعلوه مفترى. وجمعت العضة جمع ما يعقل لما لحقها من الحذف، فجعل الجمع بالواو والنون عوضا مما لحقها من الحذف.
* (فوربك لنسالنهم أجمعين * عما كانوا يعملون * فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزءين * الذين يجعلون مع الله إلها ءاخر فسوف يعلمون) * في الآية مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (فوربك لنسألنهم أجمعين) * يحتمل أن يكون راجعا إلى المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين، لأن عود الضمير إلى الأقرب أولى، ويكون التقدير أنه تعالى أقسم بنفسه أن يسأل هؤلاء المقتسمين عما كانوا يقولونه من اقتسام القرآن وعن سائر المعاصي، ويحتمل أن يكون راجعا إلى جميع المكلفين لأن ذكرهم قد تقدم في قوله: * (وقل إني أنا النذير المبين) * (الحجر: 89) أي