فالجواب عنه من وجوه: الأول: أن المنع منه لا يعلم إلا بالتوقيف فلعله لم يجد منه منعا فظن كونه حائزا. الثاني: أراد بوالديه آدم وحواء. الثالث: كان ذلك بشرط الإسلام.
ولقائل أن يقول: لو كان الأمر كذلك لما كان ذلك الاستغفار باطلا ولو لم يكن لبطل قوله تعالى: * (إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك) * (الممتحنة: 4) وقال بعضهم: كانت أمه مؤمنة، ولهذا السبب خص أباه بالذكر في قوله تعالى: * (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) * (التوبة: 114) والله أعلم وفي قوله: * (يوم يقوم الحساب) * قولان: الأول: يقوم أي يثبت وهو مستعار من قيام القائم على الرجل، والدليل عليه قولهم: قامت الحرب على ساقها، ونظيره قوله ترجلت الشمس، أي أشرقت وثبت ضوءها كأنها قامت على رجل. الثاني: أن يسند إلى الحساب قيام أهله على سبيل المجاز مثل قوله: * (واسأل القرية) * (يوسف: 82) أي أهلها. والله أعلم.
قوله تعالى * (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار * مهطعين مقنعى رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هوآء) * اعلم أنه لما بين دلائل التوحيد ثم حكى عن إبراهيم عليه السلام أنه طلب من الله أن يصونه عن الشرك، وطلب منه أن يوفقه للأعمال الصالحة وأن يخصه بالرحمة والمغفرة في يوم القيامة ذكر بعد ذلك ما يدل على وجود يوم القيامة، وما يدل على صفة يوم القيامة، أما الذي يدل على وجود القيامة فهو قوله: * (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) * فالمقصود منه التنبيه على أنه تعالى لو لم ينتقم للمظلوم من الظالم، لزم أن يكون إما غافلا عن ذلك الظالم أو عاجزا عن الإنتقام، أو كان راضيا بذلك الظلم، ولما كانت الغفلة والعجز والرضا بالظلم محالا على الله امتنع أن لا ينتقم للمظلوم من الظالم.
فإن قيل: كيف يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم أن يحسب الله موصوفا بالغفلة؟
والجواب من وجوه: الأول: المراد به التثبيت على ما كان عليه من أنه لا يحسب الله غافلا، كقوله: * (ولا تكونن من المشركين) * (الأنعام: 14). * (ولا تدع مع الله إلها آخر) * (القصص: 88) وكقوله: * (يا أيها الذين آمنوا) *. والثاني: