القرآن وهذا القول عين الأول والتفاوت ليس إلا بقليل والله أعلم.
(المسألة الثانية) لفظة من في قوله (سبعا من المثاني) قال الزجاج فيها وجهان: أحدهما:
أن تكون للتبعيض من القرآن أي ولقد آتيناك سبع آيات من جملة الآيات التي يثنى بها على الله تعالى وآتيناك القرآن العظيم قال ويجوز أن تكون من صلة، والمعنى: أتيناك سبعا هي المثاني كما قال (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) المعنى: اجتنبوا الأوثان، لان أن بعضها رجس والله أعلم.
أما قوله تعالى (لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم) فاعلم أنه تعالى لما عرف رسوله عظم نعمه عليه فيما يتعلق بالدين، وهو أنه آتاه سبعا من المثاني والقرآن العظيم، نهاه عن الرغبة في الدنيا فحظر عليه أن يمد عينيه إليها رغبة فيها وفى مد العين أقوال:
(القول الأول) كأنه قيل له إنك أوتيت القرآن العظيم فلا تشغل سرك وخاطرك بالالتفات إلى الدنيا ومنه الحديث ليس منا من لم يتغن بالقرآن وقال أبو بكر: من أوتى القرآن فرأى أن أحدا أوتى من الدنيا أفضل مما أوتى فقد صغر عظيما وعظم صغيرا، وقيل: وافت من بعض البلاد سبع قوافل ليهود بني قريظة والنضير، فيها أنواع البز والطيب والجواهر وسائر الأمتعة، فقال المسلمون لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها ولأنفقناها في سبيل الله تعالى فقال الله تعالى لهم لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير من هذه القوافل السبع.
(القول الثاني) قال ابن عباس (لا تمدن عينيك) أي لا تتمن ما فضلنا به أحدا من متاع الدنيا، وقرر الواحدي هذا المعنى فقال: إنما يكون مادا عينيه إلى الشئ إذا أدام النظر ونحوه، وإدامة النظر إلى الشئ تدل على استحسانه وتمنيه، وكان صلى الله عليه وسلم لا ينظر إلى ما يستحسن من متاع الدنيا، وروى أنه نظر إلى نعمي بنى المصطلق، وقد عبست في أبوالها وأبعارها فتقنع في ثوبه وقرأ هذه الآية وقوله عبست في أبوالها وأبعارها هو أن تجف أبوالها وأبعارها على أفخاذها إذا تركت من العمل أيام الربيع فتكثر شحومها ولحومها وهي أحسن ما تكون.
(والقول الثالث) قال بعضهم (ولا تمدن عينيك) أي لا تحسدن أحدا على ما أوتى من الدنيا قال القاضي: هذا بعيد، لان الجسد من كل أحد قبيح، لأنه إرادة لزوال نعم الغير عنه، وذلك يجرى مجرى الاعتراض على الله تعالى والاستقباح لحكمه وقضائه، وذلك من كل أحد قبيح، فكيف يحسن تخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم به؟
أما قوله تعالى (أزواجا منهم) قال ابن قتيبة أي أصنافا من الكفار، والزوج في اللغة الصنف