* (الله يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر وفرحوا بالحيوة الدنيا وما الحيوة الدنيا فى الاخرة إلا متاع) * لأنه تعالى قد يؤكد إليك العهد بدلائل أخرى سواء كانت تلك المؤكدة دلائل عقيلة أو سميعة.
ثم قال تعالى (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) وذلك في مقابلة قوله (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) فجعل من صفات هؤلاء القطع بالضد من ذلك الوصل، والمراد به قطع كل ما أوجب الله وصله ويدخل فيه وصل الرسول بالموالاة والمعاونة ووصل المؤمنين، ووصل الأرحام، ووصل سائر من له حق، ثم قال (ويفسدون في الأرض) وذلك الفساد هو الدعاء إلى غير دين الله وقد يكون بالظلم في النفوس والأموال وتخريب البلاد، ثم إنه تعالى بعد ذكر هذه الصفات قال (أولئك لهم اللعنة) واللعنة من الله الابعاد من خيري الدنيا والآخرة إلى ضدهما من عذاب ونقمة (ولهم سوء الدار) لان المراد جهنم، وليس فيها إلا ما يسوء الصائر إليها.
قوله تعالى (الله يسبط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع).
اعلم أنه تعالى لما حكم على من نقض عهد الله في قبول التوحيد والنبوة بأنهم ملعونون في الدنيا ومعذبون في الآخرة فكأنه قيل: لو كانوا أعداء الله لما فتح الله عليهم أبواب النعم واللذات في الدنيا، فأجاب الله تعالى عنه بهذه الآية وهو أنه يبسط الرزق على البعض ويضيقه على البعض ولا تعلق له بالكفر والإيمان، فقد يوجد الكافر موسعا عليه دون المؤمن، ويوجد المؤمن مضيقا عليه دون الكافر، فالدنيا دار امتحان. قال الواحدي: معنى القدر في اللغة قطع الشيء على مساواة غيره من غير زيادة ولا نقصان. وقال المفسرون: معنى (يقدر) ههنا يضيق، ومثله قوله تعالى: * (ومن قدر عليه رزقه) * (الطلاق: 7) أي ضيق، ومعناه: أنه يعطيه بقدر كفايته لا يفضل عنه شيء.
وأما قوله: * (وفرحوا بالحياة الدنيا) * فهو راجع إلى من بسط الله له رزقه، وبين تعالى أن ذلك لا يوجب الفرح، لأن الحياة العاجلة بالنسبة إلى الآخرة كالحقير القليل بالنسبة إلى ما لا نهاية له.