صرفه إلى البذل في طاعة الله تعالى. فهذه الثلاثة هي الطاعات المعتبرة، وهي الإيمان والصلاة والزكاة وتمام ما يجب أن يقال في هذه الأمور الثلاثة ذكرناه في قوله تعالى: * (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) * (البقرة: 3).
المسألة الرابعة: قالت المعتزلة: الآية تدل على أن الرزق لا يكون حراما، لأن الآية دلت على أن الانفاق من الرزق ممدوح، ولا شيء من الانفاق من الحرام بممدوح فينتج أن الرزق ليس بحرام. وقد مر تقرير هذا الكلام مرارا.
المسألة الخامسة: في انتصاب قوله: * (سرا وعلانية) * وجوه: أحدها: أن يكون على الحال أي ذوي سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين. وثانيها: على الظرف أي وقت سر وعلانية. وثالثها: على المصدر أي انفاق سر وانفاق علانية والمراد إخفاء التطوع وإعلان الواجب.
واعلم أنه تعالى لما أمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة قال: * (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال) * قال أبو عبيدة: البيع ههنا الفداء والخلال المخالة، وهو مصدر من خاللت خلالا ومخالة، وهي المصادقة. قال مقاتل: إنما هو يوم لا بيع فيه ولا شراء ولا مخالة ولا قرابة، فكأنه تعالى يقول: أنفقوا أموالكم في الدنيا حتى تجدوا ثواب ذلك الإنفاق في مثل هذا اليوم الذي لا تحصل فيه مبايعة ولا مخالة. ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة البقرة: * (لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) * (البقرة: 254).
فإن قيل: كيف نفى المخالة في هاتين الآيتين، مع أنه تعالى أثبتها في قوله: * (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) * (الزخرف: 67).
قلنا: الآية الدالة على نفي المخالة محمولة على نفي المخالة بسبب ميل الطبيعة ورغبة النفس، والآية الدالة على ثبوت المخالة محمولة على حصول المخالة الحاصلة بسبب عبودية الله تعالى ومحبة الله تعالى والله أعلم.
قوله تعالى * (الله الذى خلق السماوات والارض وأنزل من السمآء مآء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخر لكم الأنهار * وسخر لكم الشمس والقمر