والحلية والشكل، فإن كان الأول فذلك القدر لا يدل على أن ذلك الشخص هو محمد عليه السلام، فكيف يصح أن يقال: علمهم بنوته مثل علمهم بنبوة أبنائهم، وإن كان الثاني وجب أن كيون جميع اليهود والنصارى عالمين بالضرورة من التوراة والإنجيل بكون محمد عليه الصلاة والسلام نبيا من عند الله تعالى، والكذب على الجمع العظيم لا يجوز لأنا نعلم بالضرورة أن التوراة والإنجيل حال ظهور الرسول عليه الصلاة والسلام أو يقال: إنه ما بقيت هذه التفاصيل في التوراة والإنجيل في وقت ظهوره لأجل أن التحريف قد تطرق إليهما قبل ذلك، والأول باطل لأن إخفاء مثل هذه التفاصيل التامة في كتاب وصل إلى أهل الشرق والغرب ممتنع، والثاني أيضا باطل، لأن على هذا التقدير لم يكن يهود ذلك الزمان، ونصارى ذلك الزمان عالمين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم علمهم بنبوة أبنائهم، وحينئذ يسقط هذا الكلام. والجواب عن الأول: أن يقال المراد ب * (الذين آتيناهم الكتاب) * اليهود والنصارى، وهم كانوا أهلا للنظر والاستدلال، وكانوا قد شاهدوا ظهور المعجزات على الرسول عليه الصلاة والسلام، فعرفوا بواسطة تلك المعجزات كونه رسولا من عند الله، والمقصود من تشبيه إحدى المعرفتين بالمعرفة الثانية هذا القدر الذي ذكرناه. أما قوله * (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون) * ففيه قولان: الأول: أن قوله الذين) * صفة للذين الأولى، فيكون عاملهما واحدا ويكون المقصود وعيد المعاندين الذين يعرفون ويجحدون. والثاني: أن قوله الذين خسروا أنفسهم ابتداء. وقوله * (فهم لا يؤمنون) * خبره، وفي قوله * (الذين خسروا) * وجهان: الأول: أنهم خسروا أنفسهم بمعنى الهلاك الدائم الذي حصل لهم بسبب الكفر والثاني: جاء في التفسير أنه ليس من كافر ولا مؤمن إلا وله منزلة في الجنة، فمن كفر صارت منزلته إلى من أسلم فيكون قد خسر نفسه وأهله بأن ورث منزلة غيره.
قوله تعالى * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب باياته إنه لا يفلح الظالمون * ويوم