الواو، فدل ذلك على أن حذف الواو وذكرها جائز. وقال صاحب " الكشاف " حذف الواو على تقدير أنه جواب قائل يقول: فماذا يقول المؤمنون حينئذ؟ فقيل: يقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا. واختلفوا في قراءة هذه الآية من وجه آخر، فقرأ أبو عمروا * (ويقول الذين آمنوا) * نصبا على معنى: وعسى أن يقول الذين آمنوا، وأما من رفع فإنه جعل الواو لعطف جملة على جملة، ويدل على قراءة الرفع قراءة من حذف الواو. المسألة الثانية: الفائدة في أن المؤمنين يقولون هذا القول هو أنهم يتعجبون من حال المنافقين عندما أظهروا الميل إلى موالاة اليهود والنصارى، وقالوا: إنهم يقسمون بالله جهد أيمانهم معنا ومن أنصارنا، فالآن كيف صاروا موالين لأعدائنا محبين للاختلاط بهم والاعتضاد بهم؟ المسألة الثالثة: قوله * (حبطت " أعمالهم) * يحتمل أن يكون من كلام المؤمنين، ويحتمل أن يكون من كلام الله تعالى، والمعنى ذهب ما أظهروه من الإيمان، وبطل كل خير عملوه لأجل أنهم الآن أظهروا موالاة اليهود والنصارى، فأصبحوا خاسرين في الدنيا والآخرة، فإنه لما بطلت أعمالهم بقيت عليهم المشقة في الإتيان بتلك الأعمال، ولم يحصل لهم شيء من ثمراتها ومنافعها، بل استحقوا اللعن في الدنيا والعقاب في الآخرة.
قوله تعالى * (يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشآء والله واسع عليم) *.
فيه مسائل: المسألة الأولى: قرأ ابن عامر ونافع * (يرتدد) * بدالين، والباقون بدال واحدة مشددة، والأول: لإظهار التضعيف، والثاني: للإدغام. قال الزجاج: إظهار الدالين هو الأصل لأن الثاني من المضاعف إذا سكن ظهر التضعيف، نحو قوله * (إن يمسسكم قرح) * (آل عمران: 140) ويجوز في اللغة: إن يمسكم. المسألة الثانية: روى صاحب " الكشاف " أنه كان أهل الردة إحدى عشرة فرقة: ثلاث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: بنو مدلج: ورئيسهم ذو الحمار، وهو الأسود العنسي، وكان كاهنا ادعى النبوة في اليمن واستولى على بلادها، وأخرج عمال رسول الله، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل وسادات اليمن، فأهلكه الله على يد فيروز الديلمي بيته فقتله، وأخبر رسول الله بقتله ليلة قتل، فسر المسلمون، وقبض رسول الله من الغد وأتى خبره في آخر شهر ربيع الأول.