قوله تعالى * (وإذا جآءوكم قالوا ءامنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون) *.
فيه مسائل: المسألة الأولى: قالوا: نزلت هذه الآية في ناس من اليهود كانوا يدخلون على الرسول عليه الصلاة والسلام ويظهرون له الإيمان نفاقا، فأخبره الله عز وجل بشأنهم وأنهم يخرجون من مجلسك كما دخلوا لم يتعلق بقلبهم شيء من دلائلك وتقريراتك ونصائحك وتذكيراتك. المسألة الثانية: الباء في قوله * (دخلوا بالكفر و... خرجوا به) * يفيد بقاء الكفر معهم حالتي الدخول والخروج من غير نقصان ولا تغيير فيه البتة، كما تقول: دخل زيد بثوبه وخرج به، أي بقي ثوبه حال الخروج كما كان حال الدخول. المسألة الثالثة: ذكر عند الدخول كلمة * (قد) * فقال * (وقد دخلوا بالكفر) * وذكر عند الخروج كلمة * (هم) * فقال: * (وهم قد خرجوا به) * قالوا: الفائدة في ذكر كلمة " قد " تقريب الماضي من الحال، والفائدة في ذكر كلمة " هم " التأكيد في إضافة الكفر إليهم، ونفى أن يكون من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فعل، أي لم يسمعوا منك يا محمد عند جلوسهم معك ما يوجب كفرا فتكون أنت الذي ألقيتهم في الكفر، بل هم الذين خرجوا بالكفر باختيار أنفسهم. المسألة الرابعة: قالت المعتزلة: إنه تعالى أضاف الكفر إليهم حالتي الدخول والخروج على سبيل الذم، وبالغ في تقرير تلك الإضافة بقوله * (وهم قد خرجوا به) * فدل هذا على أنه من العبد لا من الله. والجواب: المعارضة بالعلم والداعي. ثم قال تعالى: * (والله أعلم بما كانوا يكتمون) * والغرض منه المبالغة فيما في قلوبهم من الجد والاجتهاد في المكر بالمسلمين والكيد بهم والبغض والعداوة لهم