قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من اله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون (46) لتلك الزيادات من العقاب. فكان ذلك جاريا مجرى الانعام عليهم. والثالث: أن يكون هذا الحمد والثناء انما حصل على وجود إنعام الله عليهم في أن كلفهم وأزال العذر والعلة عنهم ودبرهم بكل الوجوه الممكنة في التدبير الحسن، وذلك بأن أخذهم أولا بالبأساء والضراء، ثم نقلهم إلا الآلاء والنعماء وأمهلهم وبعث الأنبياء والرسل إليهم، فلما لم يزدادوا إلا انهما كا في الغي والكفر، أفناهم الله وطهر وجه الأرض من شرهم، فكان قوله (الحمد لله رب العالمين) على تلك النعم الكثيرة المتقدمة قوله تعالى (قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم ه يصدفون) في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن المقصود من هذا الكلام ذكر ما يدل على وجود الصانع الحكيم المختار، وتقريره أن أشرف أعضاء الإنسان هو السمع والبصر والقلب فالأذن محل القوة السامعة والعين محل القوة الباصرة، والقلب محل الحياة والعقل والعلم. فلو زالت هذه الصفات عن هذه الأعضاء اختل أمر الإنسان وبطلت مصالحه في الدنيا وفي الدين. ومن المعلوم بالضرورة أن القادر على تحصيل هذه القوى فيها وصونها عن الآفات والمخافات ليس إلا الله. وإذا كان الأمر كذلك، كان المنعم بهذه النعم العالية والخيرات الرفيعة هو الله سبحانه وتعالى فوجب أن يقال المستحق للتعظيم والثناء والعبودية ليس إلا الله تعالى وذلك يدل على أن عبادة الأصنام طريقة باطلة فاسدة. المسألة الثانية: ذكروا في قوله * (وختم على قلوبكم) * وجوها: الأول: قال ابن عباس: معناه وطبع على قلوبهم فلم يعقلوا الهدى. الثاني: معناه وأزال عقولكم حتى تصيروا كالمجانين. والثالث: المراد بهذا الختم الإماتة أي يميت قلوبكم. المسألة الثالثة: قوله * (من إله غير الله) * * (من) * رفع بالابتداء وخبره * (إله) * و * (غير) * صفة له وقوله * (يأتيكم به) * هذه الهاء تعود على معنى الفعل. والتقدير: من إله غير الله يأتيكم بما أخذ منكم.