على شيء) * من الدين ولا في أيديكم شيء من الحق والصواب، كما تقول: هذا ليس بشيء إذا أردت تحقيره وتصغير شأنه. وقوله: * (حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا) * وهذا مذكور فيما قبل، والتكرير للتأكيد. ثم قال تعالى: * (فلا تأس على القوم الكافرين) * وفيه وجهان: الأول: لا تأسف عليهم بسبب زيادة طغيانهم وكفرهم، فإن ضرر ذلك راجع إليهم لا إليك ولا إلى المؤمنين. الثاني: لا تتأسف بسبب نزول اللعن والعذاب عليهم، فإنهم من الكافرين المستحقين لذلك، روى ابن عباس أنه جاء جماعة من اليهود وقالوا: يا محمد ألست تقر أن التوراة حق من الله تعالى؟ قال بلى، قالوا: فإنا مؤمنون بها ولا نؤمن بغيرها، فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى * (إن الذين ءامنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من ءامن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * قد تقدم تفسير هذه الآية في سورة البقرة، وبقي ههنا مسائل: المسألة الأولى: ظاهر الأعراب يقتضي أن يقال: والصابئين، وهكذا قرأ أبي بن كعب وابن مسعود وابن كثير، وللنحويين في علة القراءة المشهورة وجوه: الأول: وهو مذهب الخليل وسيبويه ارتفع الصابئون بالابتداء علي نية التأخير، كأنه قيل: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والصابئون كذلك، فحذف خبره، والفائدة في عدم عطفهم على من قبلهم هو أن الصابئين أشد الفرق المذكورين في هذه الآية ضلالا، فكأنه قيل: كل هؤلاء الفرق إن آمنوا بالعمل الصالح قبل الله توبتهم وأنزل ذنبهم، حتى الصابئون فإنهم إن آمنوا كانوا أيضا كذلك. الوجه الثاني: وهو قول الفراء أن كلمة * (إن) * ضعيفة في العمل ههنا، وبيانه من وجوه: الأول: أن كلمة * (إن) * إنما تعمل كونها مشابهة للفعل، ومعلوم أن المشابهة بين الفعل وبين