كفر. وقال طاوس: ليس بكفر ينقل عن الملة كمن يكفر بالله واليوم الآخر، فكأنهم حملوا الآية على كفر النعمة لا على كفر الدين، وهو أيضا ضعيف، لأن لفظ الكفر إذا أطلق انصرف إلى الكفر في الدين. والثالث: قال ابن الأنباري: يجوز أن يكون المعنى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فقد فعل فعلا يضاهي أفعال الكفار، ويشبه من أجل ذلك الكافرين، وهذا ضعيف أيضا لأنه عدول عن الظاهر. والرابع: قال عبد العزيز بن يحيى الكناني: قوله * (بما أنزل الله) * صيغة عموم، فقوله * (ومن لم يحكم بما أنزل الله) * معناه من أتى بضد حكم الله تعالى في كل ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، وهذا حق لأن الكافر هو الذي أتى بضد حكم الله تعالى في كل ما أنزل الله، أما الفاسق فإنه لم يأت بضد حكم الله إلا في القليل، وهو العمل، أما في الاعتقاد والاقرار فهو موافق، وهذا أيضا ضعيف لأنه لو كانت هذه الآية وعيدا مخصوصا بمن خالف حكم الله تعالى في كل ما أنزل الله تعالى لم يتناول هذا الوعيد اليهود بسبب مخالفتهم حكم الله في الرجم، وأجمع المفسرون على أن هذا الوعيد يتناول اليهود بسبب مخالفتهم حكم الله تعالى في واقعة الرجم، فيدل على سقوط هذا الجواب، والخامس: قال عكرمة: قوله * (ومن لم يحكم بما أنزل الله) * إنما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه، أما من عرف بقلبه كونه حكم الله وأقر بلسانه كونه حكم الله، إلا أنه أتى بما يضاده فهو حاكم بما أنزل الله تعالى، ولكنه تارك له، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية، وهذا هو الجواب الصحيح والله أعلم.
ثم قال تعالى: * (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص * (. والمعنى أنه تعالى بين في التوراة أن حكم الزاني المحصن هو الرجم، واليهود غيروه وبدلوه، وبين في هذه الآية أيضا أنه تعالى بين في التوراة أن النفس بالنفس، وهؤلاء اليهود غيروا هذا الحكم أيضا، ففضلوا بني النضير على بني قريظة، وخصصوا إيجاب القود ببني قريظة دون بني النضير، فهذا هو وجه النظم من الآية، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قرأ الكسائي: العين والأنف والأذن والسن والجروح كلها بالرفع، وفيه