عليه بوجهين: الأول: أن القوم لما سمعوا قوله * (أعذبه عذابا أحدا من العالمين) * استغفروا وقالوا لا نريدها. الثاني: أنه وصف المائدة بكونها عيدا لأولهم وآخرهم فلو نزلت لبقي ذلك العيد إلى يوم القيامة. وقال الجمهور الأعظم من المفسرين: أنها نزلت لأنه تعالى قال * (إني منزلها عليكم) * وهذا وعد بالإنزال جزما من غير تعليق على شرط، فوجب حصول هذا النزول. والجواب عن الأول: أن قوله * (فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه) * شرط وجزاء لا تعلق له بقوله * (إني منزلها عليكم) * والجواب عن الثاني: أن يوم نزولها كان عيدا لهم ولمن بعدهم ممن كان على شرعهم. المسألة السادسة: روي أن عيسى عليه السلام لما أراد الدعاء لبس صوفا، ثم قال: اللهم أنزل علينا فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين غمامة فوقها وأخرى تحتها، وهم ينظرون إليها حتى سقطت بين أيديهم فبكى عليه السلام وقال: اللهم اجعلني من الشاكرين اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها مثلة وعقوبة، وقال لهم ليقم أحسنكم عملا يكشف عنها ويذكر اسم الله عليها ويأكل منها. فقال شمعون رأس الحواريين: أنت أولى بذلك، فقام عيسى وتوضأ وصلى وبكى ثم كشف المنديل. وقال: بسم الله خير الرازقين، فإذا سمكة مشوية بلا شوك ولا فلوس تسيل دسما. وعند رأسها ملح وعند ذنبها خل، وحولها من ألوان البقول ما خلا الكراث وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون وعلى الثاني عسل، وعلى الثالث سمن، وعلى الرابع جبن، وعلى الخامس قديد، فقال شمعون: يا روح الله: أمن طعام الدنيا أمن طعام الآخرة؟ فقال: ليس منهما ولكنه شيء اخترعه الله بالقدرة العالية كلوا ما سألتم واشكروا يمددكم الله ويزيدكم من فضله، فقال الحواريون: يا روح الله لو أريتنا من هذه الآية آية أخرى فقال يا سمكة أحيي بإذن الله فاضطربت، ثم قال لها عودي كما كنت فعادت مشوية، ثم طارت المائدة ثم عصوا من بعدها، فمسخوا قردة وخنازير.
قوله تعالى * (وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أءنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله) *