الجلال ولفظ الشيء أعم الأشياء فيكون مسماه حاصلا في أحسن الأشياء وفي أرذلها ومتى كان كذلك لم يكن المسمى بهذا اللفظ صفة من صفات الكمال ولا نعتا من نعوت الجلال فوجب أن لا يجوز دعوة الله تعالى بهذا الاسم لأن هذا الاسم لما لم يكن من الأسماء الحسنى والله تعالى أمر بأن يدعى الأسماء الحسنى وجب أن لا يجوز دعاء الله تعالى بهذا الاسم وكل من منع من دعاء الله بهذا الاسم قال: إن هذا اللفظ ليس اسما من أسماء الله تعالى البتة. الرابع: أن اسم الشيء يتناول المعدوم، فوجب أن لا يجوز إطلاقه على الله تعالى بيان الأول: قوله تعالى: * (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا) * (الكهف: 23) سمى الشيء الذي سيفعله غدا باسم الشيء في الحال والذي سيفعله غداف يكون معدوما في الحال فدل ذلك على أن اسم الشيء يقع على المعدوم.
وإذا ثبت هذا فقولنا: إنه شيء لا يفيد امتياز ذاته عن سائر الذوات بصفة معلومة ولا بخاصة متميزة ولا يفيد كونه موجودا فيكون هذا لفظا لا يفيد فائدة في حق الله تعالى البتة، فكان عبثا مطلقا، فوجب أو لا يجوز إطلاقه على الله تعالى. والجواب عن هذه الوجوه أن يقال: لما تعارضت الدلائل. فنقول: لفظ الشيء أعم الألفاظ، ومتى صدق الخاص صدق العام، فمتى صدق فيه كونه ذاتا وحقيقة وجب أن يصدق عليه كونه شيئا وذلك هو المطلوب والله أعلم. أما قوله * (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) * فالمراد أنه تعالى أوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به، وهو خطاب لأهل مكة، وقوله ومن بلغ ذ عطف على المخاطبين من أهل مكة أي لأنذركم به، وأنذر كل من بلغه القرآن من العرب والعجم، وقيل من الثقلين، وقيل: من بلغه إلى يوم القيامة، وعن سعيد بن جبير: من بلغه القرآن، فكأنما رأى محمدا صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا التفسير فيحصل في الآية حذف، والتقدير: وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به، ومن بلغه هذا القرآن إلا أن هذا العائد محذوف لدلالة الكلام عليه، كما يقال الذي رأيت زيد، والذي ضربت عمرو. وفي تفسير قوله * (ومن بلغ) * قول آخر، وهو أن يكون قوله * (ومن بلغ) * أي ومن احتلم وبلغ حد التكليف، وعند هذا لا يحتاج إلى إضمار العائد إلا أن الجمهور على القول الأول. أما قوله * (أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون) * فنقول: فيه بحثان. البحث الأول: قرأ ابن كثير: (أينكم) بهمزة وكسرة بعدها خفيفة مشبهة ياء ساكنة بلا مدة، وأبو عمرو وقالون عن نافع كذلك إلا أنه يمد والباقون بهمزتين بلا مد.