المسلمين على أعدائهم، أو أمر من عنده يقطع أصل اليهود أو يخرجهم عن بلادهم فيصبح المنافقون نادمين على ما حدثوا به أنفسهم، وذلك لأنهم كانوا يشكون في أمر الرسول ويقولون: لا نظن أنه يتم له أمره، والأظهر أن تصير الدولة والغلبة لأعدائه. وقيل: أو أمر من عنده، يعني أن يؤمر النبي صلى الله عليه وسلم بإظهار أسرار المنافقين وقتلهم فيندموا على فعالهم. فإن قيل: شرط صحة التقسيم أن يكون ذلك بين قسمين متنافيين، وقوله * (عسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده) * ليس كذلك، لأن الاتيان بالفتح داخل في قوله * (أو أمر من عنده) *. قلنا: قوله * (أو أمر من عنده) * معناه أو أمر من عنده لا يكون للناس فيه فعل البتة، كبني النضير الذين طرح الله في قلوبهم الرعب فأعطوا بأيديهم من غير محاربة ولا عسكر ثم قال تعالى:
* (ويقول الذين ءامنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين) * فيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر * (يقول) * بغير واو، وكذلك هي في مصاحف أهل الحجاز والشام، والباقون بالواو، وكذلك هي في مصاحف أهل العراق. قال الواحدي رحمه الله: وحذف الواو هنا كإثباتها، وذلك لأن في الجملة المعطوفة ذكرا من المعطوف عليها، فإن الموصوف بقوله * (يسارعون فيهم) * (المائدة: 52) هم الذين قال فيهم المؤمنون * (أهؤلاء الذين أقسموا بالله) * فلما حصل في كل واحدة من الجملتين ذكر من الأخرى حصن العطف بالواو وبغير الواو، ونظيره قوله تعالى: * (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم) * لما كان في كل واحدة من الجملتين ذكر ما تقدم أغنى ذلك عن ذكر الواو، ثم قال: * (ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) * (الكهف: 22) فأدخل