ثم قال تعالى: * (والله بصير بما يعملون) * أي من قتل الأنبياء وتكذيب الرسل، والمقصود منه التهديد.
قوله تعالى * (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يا بنى إسراءيل اعبدوا الله ربى وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) *.
قوله تعالى: * (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم) *. اعلم أنه تعالى لما استقصى الكلام مع اليهود شرع هاهنا في الكلام مع النصارى فحكى عن فريق منهم أنهم قالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم، وهذا هو قول اليعقوبية لأنهم يقولون: إن مريم ولدت إلها، ولعل معنى هذا المذهب أنهم يقولون: إن الله تعالى حل في ذات عيسى واتحد بذات عيسى، ثم حكى تعالى عن المسيح أنه قال. وهذا تنبيه على ما هو الحجة القاطعة على فساد قول النصارى، وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام لم يفرق بين نفسه وبين غيره في أن دلائل الحدوث ظاهرة عليه. ثم قال تعالى: * (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) * ومعناه ظاهر. واحتج أصحابنا على أن عقاب الفساق لا يكون مخلدا، قالوا: وذلك لأنه تعالى جعل أعظم أنواع الوعيد والتهديد في حق المشركين هو أن الله حرم عليهم الجنة وجعل مأواهم النار، وأنه ليس لهم ناصر ينصرهم ولا شافع يشفع لهم، فلو كان حال الفساق من المؤمنين كذلك لما بقي لتهديد المشركين على شركهم بهذا الوعيد فائدة.
ثم قال تعالى: * (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: * (ثلاثة) * كسرت بالإضافة، ولا يجوز نصبها لأن معناه: واحد ثلاثة. أما إذا قلت: رابع ثلاثة فههنا يجوز الجر والنصب، لأن معناه الذي صير الثلاثة أربعة بكونه فيهم.